حرمة ذلك الشيء بعينه أو العكس ، نرى بالوجدان أنّه ليس لنا علم إجمالي بوجود تكليف واحد فضلا عن تكاليف بين هذه الأمارات الدالّة على أحكام إلزاميّة مخالفة لما دلّت عليه تلك الأخبار التي أفرزناها من الأحكام. وهذا ممّا لا ريب فيه ولا شبهة تعتريه. وبهذا يندفع ما أورده الشيخ ـ قدسسره ـ حيث لا يلزم الاحتياط في جميع الأمارات ، فمن هذه الجهة لا إشكال فيه.
إنّما الإشكال من جهة أنّه لا يفيد فيما نحن بصدده ونريده إثباته ، وهو حجّيّة الخبر بمعنى ترتيب جميع آثار الدليل الاجتهادي عليه من تقدّمه على جميع الأصول العمليّة وبعض الأصول اللفظيّة ، بمعنى تخصيص العمومات وتقييد المطلقات ـ مثلا ـ به.
توضيح ذلك : أنّ هذه الأخبار بين ما يكون مثبتا للتكليف الإلزاميّ وبين ما يكون نافيا له.
فما يكون مثبتا للتكليف ، فإنّ كان الأصل العملي في مورده من الأصول المثبتة للتكليف وموافقا له ، فالقائل بحجّيّة الخبر والقائل بعدم حجّيّته كلّ منهما يعمل على طبق مضمونه.
وإن كان الأصل العملي في مورده مخالفا له بأنّ يكون الأصل نافيا للتكليف فحيث لا تجري الأصول العمليّة النافية للتكليف ـ سواء كانت أصولا تنزيليّة ، كالاستصحاب وقاعدتي الفراغ والتجاوز بناء على كونهما من الأصول لا الأمارات ، أو غير تنزيليّة ، كأصالة الطهارة وغيرها ـ في أطراف العلم الإجمالي بالتكليف ـ لأنّه تلزم منه المخالفة القطعيّة لو أجريناها في جميع الأطراف ، أو الترجيح بلا مرجّح لو أجريت في بعضها ـ يجب العمل على طبق مضمون الأخبار ، ولا فرق في ذلك أيضا بين من يقول بحجّيّة هذه الأخبار ومن لا يقول بها.