المشكوكات والموهومات عن أطراف هذا العلم.
الثالث : العلم الإجمالي بصدور كثير ممّا بأيدينا من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة للشيعة ، ومنشأ هذا العلم ما ذكرناه من شدّة الاهتمام بجمعها وتنقيحها وتهذيبها عن الأخبار المدسوسة ، وهذا العلم أضيق دائرة من الكلّ ، لخروج سائر الأمارات فضلا عن المشكوكات والموهومات.
وبعد ذلك نقول : لا ريب في عدم تنجيز العلم الإجمالي الأوّل الّذي هو أوسع دائرة من الكلّ ، لانحلاله بالعلم الثاني المتوسّط بينه وبين الأخير ، فإنّا إذا نقصنا مقدار المعلوم بالإجمال من أطراف العلم الإجمالي الثاني وأفرزنا طائفة من الأمارات كذلك ، أي بمقدار المعلوم بالإجمال ، ثمّ لاحظنا سائر الأمارات والمشكوكات والموهومات ، نرى أنّه ليس لنا علم إجمالي آخر بوجود تكليف واحد فضلا عن تكاليف في غير تلك الطائفة من الأمارات ، فبذلك نستكشف انحلال العلم الأوّل ، ووجود جميع التكاليف المعلومة لنا بالإجمال في ضمن هذه الأمارات بحيث تكون الشبهات في غيرها شبهات بدويّة. فظهر عدم تنجيز العلم الإجمالي الأوّل بسبب انحلاله بالعلم الثاني.
وكذا لا ريب في انحلال العلم الإجمالي الثاني وعدم تنجيزه بسبب العلم الإجمالي الثالث ، وذلك لأنّا إذا أفرزنا طائفة من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة للشيعة ، الدالّة على الأحكام الإلزاميّة بمقدار المعلوم بالإجمال ثمّ لاحظنا سائر الأمارات من الأخبار والإجماعات المنقولة والشهرات التي لا تكون موافقة (١) في المضمون مع ما أفرزناه من الأخبار الموجودة في الكتب المعتبرة بأن كان الخبر دالّا على وجوب شيء والإجماع المنقول ـ مثلا ـ على
__________________
(١) فإنّ ما يكون موافقا تكفينا الأخبار بالقياس إليه. هامش الأصل.