أن يكون نفس الخطاب الّذي متكفّل للحكم الأوّلي الثابت لنفس الخمر مثلا أو غيره.
والأوّل بديهي البطلان ، إذ مرتبة القبح الفعلي متأخّرة عن مرتبة الخطاب والتكليف ، فإنّه يتحقّق في مقام الإتيان والامتثال.
مثلا : يتّصف شرب مقطوع الخمريّة بالقبح بعد ثبوت الحرمة للخمر الواقعي ، فاتّصافه بالقبح متأخّر عن خطاب «لا تشرب الخمر» فكيف يمكن أن يكون هذا القبح مستتبعا للحكم المتكفّل له نفس هذا الخطاب المتقدّم عليه!؟ والثاني إمّا متوجّه إلى خصوص المتجرّي ، أو عنوان شامل له وللعاصي ، كعنوان المتمرّد على المولى والهاتك لحرمته.
أمّا الأوّل : فهو ـ مضافا إلى القطع بأنّ المتجرّي ليس أسوأ حالا من العاصي ، وليست خصوصيّة في قبح المتجرّى به لم تكن تلك الخصوصيّة في المعصية حتى يستتبع هذا القبح الحرمة الشرعيّة ، ويخاطب فاعله بخطاب شرعيّ دون قبح العصيان ـ مستحيل ، فإنّ المتجرّي في حال التفاته إلى كونه متجرّيا وأنّ قطعه مخالف للواقع يخرج عن كونه متجرّيا وينقلب الموضوع ، ومع عدم التفاته لا يعقل أن ينبعث ببعث المولى ، فلا يعقل البعث أيضا ، فهو نظير تكليف الناسي حال نسيانه.
وأمّا الثاني : فهو مستلزم للتسلسل ، وذلك لأنّ عنوان الهاتك لحرمة مولاه ـ مثلا ـ الشامل للعاصي والمتجرّي لو كان مخاطبا بخطاب من جهة استتباع الهتك له ، لكان التجرّي محكوما بحكم شرعيّ ، لكونه هتكا ، ونفس هذا الحكم الشرعي أيضا تكون موافقته انقيادا ومخالفته هتكا لحرمة المولى ، فلا بدّ من خطاب شرعي آخر متوجّه إليه أيضا ، وهذا الحكم الثابت بهذا الخطاب أيضا له إطاعة وعصيان آخر ، فعلى تقدير المخالفة يتحقّق الهتك