فإنّه يقال : إنّ المراد من الرفع في الحديث بحسب الفهم العرفي هو رفع الأحكام الثابتة للفعل بعنوانه الأوّلي ، الشاملة لحال الإكراه والاضطرار لو لا حديث الرفع عند عروض العنوان الثانوي عليه من الإكراه أو الاضطرار أو غير ذلك ، ولا يفهم من الحديث أنّ الكلام الصادر عن إكراه ليس بكلام ، أو الكذب الصادر عن اضطرار ليس بكذب ، بل المراد أنّه كلام وكذب ، ولا يترتّب عليه أحكام الكلام والكذب ، وذلك لأنّ المرفوع هو الفعل المعنون بهذه العناوين ، فإنّها أخذت مفروضة الوجود ، ولو كان المراد رفعه بمعنى أنّه لا يكون مصداقا للكذب في عالم التشريع ، تنعكس النتيجة ، إذ المنفي هو الكذب المضطرّ إليه أو الخطئي أو الصادر عن نسيان ، فنفيه نفي للأحكام الثابتة للكذب المضطرّ إليه والصادر عن خطأ أو نسيان.
وبالجملة ، الصلاة المضطرّ إلى التكلّم فيها ـ مثلا ـ لا تكون مشمولة لحديث الرفع ، سواء استوعب الاضطرار الوقت أو لم يستوعب ، وهكذا سائر العبادات الواقعة فيها خلل من فقدان جزء أو شرط أو وجود مانع ، فلو لم يكن هناك دليل آخر على الصحّة مثل «لا تعاد الصّلاة إلّا من خمس» يحكم بالبطلان.
وهذا واضح بعد ما ذكرنا من الأمرين في تضاعيف كلماتنا :
أحدهما : أنّ الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة كما لا يمكن جعلها إلّا بجعل منشأ انتزاعها ، فإنّ جعلها مستقلّا غير معقول ، كذلك لا يمكن رفعها إلّا برفع منشأ انتزاعها ، فمعنى رفع الجزئيّة عن السورة رفع الأمر المتعلّق بالصلاة مع السورة ، كما أنّ جعلها عبارة عن جعل الصلاة مع السورة.
وثانيهما : أنّ المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي هو رفع الأحكام الثابتة للفعل بعنوانه الأوّلي بعد طروّ العنوان الثانوي عليه ، لا إثبات