ذلك ، وخصوصيّة في الحيوان دخيلة في تحقّق هذا الأمر البسيط ، فيجري استصحاب عدم تحقّق التذكية (١) ، الثابت حال الحياة ، ويحكم بكونه محرّم الأكل.
وإن قلنا بأنّ التذكية عبارة عن نفس هذه الأفعال الخارجيّة ـ كما احتمله بل استظهره شيخنا الأستاذ (١) قدسسره ـ فيحكم بحلّيّته بمقتضى قوله عليهالسلام : «كلّ شيء فيه حلال وحرام» (٢) إلى آخره ، إذ المفروض أنّ التذكية ليست إلّا نفس هذه الأفعال ، وهي محقّقة ، فالشكّ إنّما يكون في كون هذا اللحم من القسم الحلال أو الحرام.
ولكنّ الحقّ أنّ التذكية ـ كالزوجيّة والملكيّة وغيرهما ـ أمر بسيط مسبّب عن سبب خاصّ ، ولا وجه للاستظهار من قوله تعالى : (إِلَّا ما ذَكَّيْتُمْ)(٣) من جهة إسناد التذكية إلى المكلّفين ، فإنّه مثل أن يقال : إلّا ما ملكتم أو زوّجتم ، وعلى ذلك لا يحكم بحلّيّة المشكوك في هذا القسم ، إلّا أن يسهل الخطب أنّ هناك رواية دالّة على قابليّة كلّ حيوان قابل للتذكية ، وتقرّر في مقرّه جريان
__________________
(١) أقول : وجهه أنّ المورد يكون من موارد الشكّ في المحصّل. ولكنّ الحقّ هو عدم الفرق بين القول بكون التذكية أمرا مركّبا والقول بكونها أمرا بسيطا فيما نحن فيه ، وذلك أنّ الأمر البسيط على قسمين : أحدهما : أنّه أمر عرفي ومحصّله أمر تكويني كالأمر بقتل المشرك ، فإذا شكّ بعد إتيان أعمال في الخارج في حصول القتل فيستصحب عدمه. والآخر : أنّه أمر شرعي كالطهارة بالنسبة إلى الغسلات ، والمحصّل هنا أمر شرعي ، وبيانه على عهدة الشارع ، فإذا شككنا في جزئيّة شيء في المحصّل فنرفع الشكّ بالبراءة ، فإذا فرضنا وقوع التذكية التي دلّت عليها الأدلّة ورفعنا الشكّ بالبراءة عمّا زاد على تلك الأمور فليس الشكّ باقيا ، فلا فرق فيما نحن فيه بين تركّب التذكية وبساطتها. نعم ترجع هذه البراءة إلى البراءة في الشبهة الحكميّة. (م).
(٢) أجود التقريرات ٢ : ١٩٤.
(٣) تقدّمت الإشارة إلى مصادره في ص ٣١٨ الهامش (٢).
(٤) المائدة : ٣.