مولويّا شرعيّا.
ويمكن كونها مولويّة ناشئة عن مصلحة غير ملزمة هي قوّة النّفس للاحتراز عن المعاصي والمحرّمات ، كما يستفاد ذلك من قوله عليهالسلام : «من ترك ما اشتبه عليه من الإثم فهو لما استبان له أترك» (١)(٢). هذا حاصل ما أفاده.
وما ذكره في بيان وجه كونها مولويّة في غاية الجودة ، أمّا ما أفاده في وجه كونها إرشاديّة فغير تامّ.
بيان ذلك : أنّ الحكم المولويّ في مرحلة الامتثال وإن كان لغوا لا معنى له ولو قلنا بإمكان التسلسل ـ وذلك لأنّ ما لم تنته الأوامر المولويّة إلى درك العقل صحّة العقوبة على المخالفة وقبح عصيان المولى وكونه عدوانا وظلما على المولى لا فائدة فيها ولو وصلت إلى ما لا نهاية له ، فإن كان أمر من المولى في هذه المرحلة ، فلا محالة يكون إرشادا إلى ما أدركه العقل ، وإلى ما ذكرنا أشار بعض الأخبار أيضا حيث يستفاد منه أنّ من لم يكن له زاجر من نفسه فلا ينفعه زاجر من غيرها (٣). ومن بعض آخر : أنّ العقل رسول الباطن (٤) ـ إلّا أنّ ذلك مختصّ بالإطاعة اليقينيّة ، وأمّا الإطاعة الاحتماليّة فلا ، لأنّ العقل في موارد الشبهات يدرك عدم صحّة العقاب ، فإذا أمر المولى بالاحتياط في الشبهات التي يدرك العقل قبح العقاب على الاقتحام فيها ، فلا محالة يكون مولويّا ناشئا من مصلحة إدراك الواقعيّات مثلا ، وإذا ثبت من الخارج عدم لزوم الاحتياط ، فيكون الأمر استحبابيّا مولويّا.
__________________
(١) الفقيه ٤ : ٥٣ ـ ١٩٣ ، الوسائل ٢٧ : ١٦١ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي الحديث ٢٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٠٤.
(٣) نهج البلاغة ـ بشرح محمد عبده ـ : ١٥٤ ، وعنه في البحار ٤ : ٣١٠ ـ ٣٨.
(٤) الكافي ١ : ١٦ ـ ١٢ ، وعنه في البحار ١ : ١٣٧.