الانقيادي على الإتيان بما بلغ وجدانا أو تعبّدا ولو كان قطعه أو الخبر مخالفا للواقع ـ ولم تكن ناظرة إلى كيفية البلوغ أصلا ، أو لسانها لسان جعل الحجّيّة ، وأنّ الخبر المتكفّل لبيان حكم غير إلزامي حجّة ولو كان ضعيفا غايته. وبعبارة أخرى : كانت هذه الأخبار مخصّصة لأدلّة ما اعتبر في حجّيّة الخبر من الشرائط في الخبر المتكفّل للحكم الإلزاميّ ، وأمّا ما هو مسوق لبيان الحكم غير الإلزاميّ فلا ينظر إلى عدالة الراوي ولا وثاقته ولا غير ذلك من الشرائط ، بل يكون حجّة أيّا ما كان ، أو لسانها لسان جعل الاستحباب لما بلغ فيه ثواب بعنوان ثانوي كسائر ما يكون مستحبّا بطروّ عنوان عليه ـ كإجابة المؤمن ـ مع إباحته في نفسه؟
الحقّ هو الأخير ، فإنّ بيان ترتّب الثواب على ما بلغ فيه ثواب وجدانا أو تعبّدا ولو خالف الواقع من قبيل توضيح الواضحات وبعيد عن لسان هذه الأخبار غاية البعد ، ولا نحتمل ورودها على كثرتها لبيان مثل هذا الأمر البديهي ، كما أنّ لسانها بعيد عن لسان جعل الحجّيّة أيضا ، فإنّ لسان جعل الحجّيّة لسان إلغاء احتمال الخلاف ، نظير قوله عليهالسلام : «لا ينبغي لأحد التشكيك فيما يرويه عنّا ثقاتنا» (١) ومن المعلوم أنّها ليست بهذه المثابة، بل هي مقرّرة للاحتمال ، وموردها مورد احتمال مصادفة الخبر لقول النبي صلىاللهعليهوآله ، فوزانها ينافي وزان جعل الحجّيّة. هذا أوّلا.
وثانيا : لسانها لسان «من سرّح لحيته فله كذا» و «من زار الحسين عليهالسلام فله كذا» وغير ذلك ممّا وعد فيه ثواب على عمل مخصوص ، ومثل ذلك لا دلالة له على جعل الحجّيّة أصلا ، فتعيّن كونها لبيان استحباب ما بلغ فيه ثواب ، وأنّها نظير «من قتل متعمّدا فجزاؤه جهنّم» ممّا بيّن الحكم التحريمي
__________________
(١) اختيار معرفة الرّجال : ٥٣٦ ذيل الرقم ١٠٢٠ ، الوسائل ٢٧ : ١٤٩ ـ ١٥٠ ، الباب ١١ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٠.