الأوّل : أن يكون المطلوب كلّ واحد من التروك بنحو العامّ الاستغراقي بحيث يكون لكلّ واحد إطاعة وعصيان ، ولا ريب في جريان البراءة أيضا.
الثاني : أن يكون المطلوب مجموع التروك بنحو العامّ المجموعي بأن كان هناك مصلحة واحدة مترتّبة على ترك الجميع وله إطاعة واحدة وعصيان واحد ، وهو من صغريات الأقلّ والأكثر الارتباطيّين. والكلام فيه هو الكلام ، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ جريان البراءة فيه ، فإنّ الطلب المتعلّق بترك مجموع الأفراد ـ وبعبارة أخرى : طلب الجمع في الترك ـ وإن كان طلبا واحدا شخصيّا ، لأنّ المفروض قيام مصلحة واحدة على جميع التروك ، إلّا أنّ هذا النهي الواحد البسيط ينحلّ إلى نواه عديدة ضمنيّة ، كانحلال الأمر الواحد البسيط المتعلّق بالمركّب الارتباطي إلى أوامر عديدة ضمنيّة ، وكما تجري البراءة في الفرد المشكوك تعلّق الأمر الضمني بفعله كذلك تجري البراءة في الفرد المشكوك تعلّق النهي الضمني بفعله وطلب تركه كذلك ، أي ضمنا.
الثالث : أن يكون المطلوب عنوانا بسيطا متحصّلا من مجموع التروك ، والشكّ في فرديّة الفرد في هذا الفرض راجع إلى الشكّ في تحقّق الامتثال ، ومقتضاه الرجوع إلى قاعدة الاشتغال لا البراءة ، إذ بارتكاب الفرد المشتبه لا يحصل العلم بتحقّق هذا العنوان البسيط المعلوم تعلّق التكليف به ، فلا يجوز الارتكاب إلّا إذا أحرز ذلك العنوان بالأصل.
مثلا : نفرض أنّ العنوان العدمي ـ المتحصّل من ترك شرب كلّ فرد من أفراد الخمر ، ونعبّر عنه في مقام التعبير بخلوّ الصفحة عن وجود شرب الخمر ـ مطلوب للمولى ، فنقول : نحن كنّا تاركين لشرب الخمر في أوّل الزوال وكانت الصفحة خالية عن وجوده قطعا ، فنستصحب ذلك العنوان إلى حين ارتكاب الفرد المشتبه ، فنحن حينئذ بحكم الشارع تاركين لشرب الخمر ومحصّلين