القاعدة هو التخيير بين الفعل والترك في كلّ من الواقعتين ، غاية الأمر أنّه بعد وطء كلّ منهما أو ترك وطء كلّ منهما يعلم تفصيلا بوقوع المحرّم في الخارج ، وهو لا يضرّ ، إذ المانع هو العلم بالمخالفة حين ارتكاب كلّ واقعة ، وهو مفقود على الفرض.
والظاهر أنّه لا تجري أدلّة البراءة في الفرض ، ولا يحكم بالتخيير ، فإنّ لنا علمين إجماليّين : أحدهما متعلّق بوجوب وطء إحداهما ، والآخر بوجوب ترك وطء إحداهما ، ولكل من هذين العلمين أثران : وجوب الموافقة القطعيّة ، وحرمة المخالفة القطعيّة ، وحيث لا يمكن الموافقة القطعيّة لدوران أمر كلّ منهما ـ أي امرأتين ـ بين محذورين ، فيسقط كلا العلمين عن المنجّزيّة بالنسبة إلى الأثر الأوّل ، وأمّا بالقياس إلى الأثر الآخر ـ وهو حرمة المخالفة القطعيّة ـ فيبقى كلّ من العلمين على حالهما من المنجّزيّة ، فتجب الموافقة الاحتماليّة لكلا التكليفين بوطء إحداهما وترك وطء الأخرى.
هذا كلّه فيما إذا كانت الوقائع دفعيّة غير تدريجيّة ، أمّا إذا كانت تدريجيّة ، كما إذا حلف على وطء زوجته في ليلة وحلف أيضا على ترك وطء هذه الزوجة بعينها في ليلة أخرى ، فهل تجري البراءة في كلا الطرفين وفي كلّ من الليلتين ، أو يحكم بالتخيير بين الفعل والترك في كلّ زمان من باب اللاحرجيّة العقليّة ، أو لا؟
التزم شيخنا الأستاذ بالتخيير في كلّ واقعة ، نظرا إلى أنّ التكليف في التدريجيّات ليس بفعليّ ، ضرورة أنّ وجود الموضوع من شرائط فعليّة التكليف خطابا وملاكا ، والمفروض أنّ زمان أحد التكليفين متأخّر ، ولكلّ منهما موضوع مستقلّ ، ففي زمان الابتلاء بالواقعة الأولى لا علم بخطاب فعليّ قابل للتحريك ، بل المعلوم ليس إلّا جنس الإلزام المردّد بين الوجوب