وبعبارة أخرى : بعد ما بيّن الشارع لزوم الاجتناب عن النجس وعلم المكلّف بوجود النجس في البين ، المردّد بين إناءين ـ غاية الأمر لا يميّز النجس منهما عن الطاهر ، والمفروض أنّه لا دخل للتمييز في موضوع الحكم ، فإنّ الكلام في العلم الطريقي ـ فحكمه بعدم لزوم الاجتناب عن هذا الإناء حال حكمه بعدم لزوم الاجتناب عن الآخر ، وتعبّده بطهارة هذا الإناء في عرض تعبّده بطهارة الإناء الآخر مناقضة في الكلام ، ولو صرّح بذلك يعدّ نسخا للحكم المعلوم بالإجمال.
وبذلك ظهر أنّه لا حاجة لنا في الحكم بعدم جواز المخالفة القطعيّة لموارد العلم الإجمالي بالتكليف المردّد بين المتباينين إلى ما ادّعاه الشيخ ـ قدسسره ـ من أنّ الشكّ المأخوذ في روايات الاستصحاب ـ مثل «لا تنقض اليقين بالشكّ» (١) ـ وإن كان عامّا للشبهات البدويّة والمقرونة بالعلم الإجمالي إلّا أنّ اليقين المذكور في ذيل بعض الروايات ـ مثل قوله عليهالسلام : «ولكن تنقضه بيقين آخر» (٢) ـ أيضا عامّ ، فيقع التعارض بين الصدر والذيل ، وتصير الروايات مجملة من هذه الجهة ، فلا يمكن التمسّك بها لجريان الاستصحاب في موارد
__________________
ـ بالإجمال حكم واقعي ومؤدّى الأصلين حكم ظاهري ولا تناقض بين الحكم الظاهري والواقعي ولا مناقضة بين حكمي الشارع.
نعم ، يلزم التناقض في حكم العقل ، وهو أمر آخر ، كما أنّ لزوم الترخيص في المعصية أيضا أمر آخر.
وبعبارة أخرى : ما قيل بلزومه من جريان الأصول في جميع الأطراف ثلاثة أمور : أحدها : لزوم الترخيص في المعصية ـ وثانيها : لزوم التناقض في حكم العقل. وثالثها : لزوم التناقض في حكم الشارع. والأوّلان لا كلام فيهما ، وأمّا الثالث فهو حقّ في مورد الأمارات دون الأصول. (م).
(١ و ٢) التهذيب ١ : ٨ ـ ١١ ، الوسائل ١ : ٢٤٥ ، الباب ١ من أبواب نواقض الوضوء ، الحديث ١.