الإجمالي أيضا إن شملت أدلّة البراءة جميع الأطراف فيدفع احتمال العقاب ، ويسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة من حيث وجوب الموافقة وحرمة المخالفة معا ، وإن شملت بعضها ، يحصل الأمن بالقياس إليه خاصّة ، ويسقط العلم الإجمالي عن المنجّزيّة من حيث وجوب الموافقة القطعيّة فقط ، لا من حيث حرمت المخالفة القطعيّة ، وإن لم تشمل شيئا من الأطراف ، فلا مدفع لاحتمال العقاب فلا أمن ، فيكون العلم الإجمالي منجّزا من حيث وجوب الموافقة وحرمة المخالفة معا.
فالعمدة هو البحث عن شمول أدلّة الأمارات والأصول لأطراف العلم كلّا أو بعضا ، وعدمه ، فنقول : أدلّة الأمارات والأصول لا يمكن شمولها لجميع الأطراف.
أمّا الأمارات : فمن جهة أنّ لوازمها حجّة ، فإخبار البيّنة بطهارة أحد الإناءين ، المعلومة نجاسة أحدهما بالإجمال إخبار بنجاسة الإناء الآخر بالالتزام وإن لم يكن المخبر ملتفتا إلى الملازمة فضلا عن قصده الإخبار باللازم ، وهكذا إخبار بيّنة أخرى بطهارة الإناء الآخر إخبار بنجاسة هذا الإناء بالالتزام ، فكلّ من الإناءين منفردا وفي نفسه وإن كان مشمولا لدليل حجّيّة البيّنة إلّا أنّ البيّنتين متعارضتان فتتساقطان.
وأمّا الأصول تنزيليّة كانت أو غيرها : فهي وإن لم تكن مثبتة للوازمها ـ فلا يكون استصحاب الطهارة في أحد الإناءين مثبتا لنجاسة الإناء الآخر ، وهكذا أصالة الطهارة ، فلا تعارض بين الأصلين ـ إلّا أنّ حكم الشارع بطهارة كلّ من الإناءين مناقض (١) لحكمه بنجاسة أحدهما ، المعلوم إجمالا.
__________________
(١) أقول : ليس في موارد الأصول مطلقا ـ تنزيليّة وغير تنزيليّة ـ مناقضة ، فإنّ المعلوم ـ