مطلقا ، وكلا القسمين واقع في الشريعة ، فإنّ عدم اختصاص الأحكام بالعالمين بها وكونها مطلقة بالإضافة إليهم وإلى غيرهم يستفاد من أدلّة اشتراك التكليف ، التي ادّعى شيخنا العلّامة الأنصاري في أوّل مبحث الظنّ تواترها (١) ، كما أنّ اختصاص بعض الأحكام بالعالمين به ـ كوجوب القصر والجهر والإخفات ـ ثبت بالأدلّة الأخر غير ما دلّ على وجوب القصر على المسافر ، ووجوب الجهر في بعض الصلوات والإخفات في بعض.
وعلى هذا إذا أمكن أخذ العلم بالحكم في موضوع نفسه بجعل آخر غير الأوّل ، فيمكن أخذ العلم بالحكم ، الحاصل من سبب خاصّ في موضوع نفسه بجعل آخر ، ويمكن أيضا تقييده ـ بأن لا يكون معلوما بالعلم القياسي كما يستفاد من خبر أبان بن تغلب (٢) ، أو الحاصل بالجفر والرمل ـ بجعل آخر الّذي هو متمّم الجعل ، كما هو كذلك في القياس ، وغير بعيد في الرمل والجفر ، وهذا ليس تصرّفا في ناحية القطع حتى يقال : إنّ طريقيّته ذاتيّة لا يمكن التصرّف فيها أصلا ولا تقبل الجعل لا نفيا ولا إثباتا ، بل تصرّف في ناحية الحكم المقطوع به ، فدعوى الأخباري من أنّه لا اعتبار بالقطع الحاصل من غير الكتاب والسنّة بحسب الإمكان في محلّها إلّا أنّه يطالب بالدليل ، وهو مفقود في غير القياس وما نفينا عنه البعد من الرمل والجفر.
وبالجملة ، أخذ القطع الطريقي بالحكم في موضوع نفسه وهكذا المنع من بعض أقسامه ـ كالحاصل من القياس أو غيره ـ بمكان من الإمكان ، خلافا لشيخنا العلّامة الأنصاري (٣) ـ قدسسره ـ وبعض من تأخّر عنه من المحقّقين. هذا
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٧.
(٢) تقدّم تخريجه في ص ٣٦.
(٣) فرائد الأصول : ٣.