لا إلى بقائه بعد حدوثه ، وهذا بخلاف المقام ، فإنّ الاضطرار ليس مسقطا للتكليف ، لعدم تعلّقه بالنجس ، وإنّما المسقط للتكليف هو اختيار المكلّف ، فالتكليف قبل اختياره لأحد الفردين ثابت ، وبعد اختياره أحدهما يسقط واقعا على تقدير انطباقه على ما اختاره ، ويبقى على تقدير انطباقه على الآخر ، فالشكّ في التكليف في الطرف الآخر شكّ في السقوط بعد الثبوت ، نظير تحقّق الاضطرار بعد العلم ، لا أنّه شكّ في أصل الثبوت ، فلا يكون موردا للبراءة (١).
وفيه أوّلا : ما عرفت من أنّ الترخيص ظاهري لا واقعي.
وثانيا : لو سلّم كون الترخيص واقعيّا ، لا بدّ من الالتزام بالبراءة في الطرف الآخر كالاضطرار إلى المعيّن ، ولا مدفع عن الإشكال ، إذ لا يعقل أن تكون الحرمة الواقعيّة مغيا باختيار المكلّف ، وأيّ فائدة في النهي عن الشيء الّذي يصير مباحا باختياره وارتكابه؟ فلا يمكن القول بحرمة ما يختاره قبل اختياره ، بل لا بدّ من القول بإباحته من أوّل الأمر ، وإذا كان كذلك ، فليس الشكّ في الطرف الآخر شكّا في السقوط بعد الثبوت ، بل الشكّ يكون شكّا في أصل ثبوت التكليف ، لاحتمال انطباقه على ما يختاره الّذي يكون مباحا.
هذا تمام الكلام في الاضطرار إلى بعض أطراف العلم الإجمالي في الشبهة التحريميّة ، ويجري في الشبهة الوجوبيّة ما جرى في الشبهة التحريميّة حرفا بحرف ، ولا فرق بينهما أصلا إلّا أنّ المرخّص فيه في الشبهة التحريميّة في صورة الاضطرار بأحدها لا بعينه ـ كما عرفت ـ أوّل الوجودات ، وفي الشبهة الوجوبيّة آخرها ، فإذا اضطرّ المكلّف إلى إفطار يوم من شهر رمضان لا بعينه ،
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٧٠ ـ ٢٧١.