المكلّف لرفع اضطراره ـ ينافي القول بأنّ التكليف معلوم (١) ـ غير تامّ.
وهكذا ما أفاده شيخنا الأستاذ قدسسره ـ من أنّ ما يختاره المكلّف مصداق للمضطرّ إليه ، فالترخيص واقعيّ ، والاضطرار مقتض للتوسّط في التكليف ، لعدم العلم بفعليّته على كلّ تقدير ، بل فعليّ على تقدير انطباقه على غير ما يختاره المكلّف ، وساقط على تقدير انطباقه على ما يختاره المكلّف (٢) ـ غير تامّ أيضا ، كما هو واضح لا يخفى.
فلا يقاس المقام بالاضطرار إلى البعض المعيّن الّذي كان الطرف المضطرّ إليه مباحا واقعا ، لكونه مصداقا للمضطرّ إليه واقعا ، لا أنّه يرفع به الاضطرار ولكنّه لا يعلم أنّه مصداق للمضطرّ إليه واقعا ، لعدم التمييز بين الطاهر والنجس ، كما في المقام ، ولذا يكون الترخيص فيه واقعيّا ، بخلاف المقام ، حيث إنّ الترخيص فيما يختاره المكلّف ـ كما عرفت ـ ظاهري لا واقعي.
وقاس شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ المقام بالاضطرار إلى المعيّن ، وبعد ما أفاد من أنّ التوسّط توسّط في التكليف لا التنجيز أورد على نفسه سؤالا ، وهو : أنّه ما الفارق بين المقامين مع إباحة بعض الأطراف واقعا؟ وما الموجب لجريان البراءة في الطرف غير المضطرّ إليه في الاضطرار إلى المعيّن ، وعدم جريانها في المقام مع أنّ ملاك جريان الأصل ـ وهو عدم العلم بالتكليف ، لاحتمال انطباق ما هو معلوم بالإجمال على الطرف الّذي هو مباح واقعا ، لتعلّق الاضطرار به ـ مشترك فيهما؟
ثمّ أجاب عنه : بأنّ الاضطرار في صورة تعلّقه بالمعيّن بنفسه مسقط للتكليف ، فيرجع الشكّ في الطرف الآخر إلى الشكّ في أصل ثبوت التكليف ،
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٢٦٩ ـ ٢٧٠.