واحدة ، فصرف وجود الدخول مأذون فيه ومباح ، وأمّا الوجود الثاني والثالث فغصب وحرام ، ولا فرق في ذلك بين الحكم الواقعي والظاهري ، فكما أنّ الترخيص الواقعي يمكن تعلّقه بصرف الوجود ومطلق الوجود كذلك الترخيص الظاهري يمكن تعلّقه بمطلق الوجود وصرف الوجود.
وبعد ثبوت هذه المقدّمة نقول : ذكرنا سابقا أنّ تنجيز العلم الإجمالي متوقّف على تساقط الأصول في أطرافه وأنّها غير جارية في بعضها ، للزوم الترجيح بلا مرجّح ، وذكرنا آنفا أنّ دليل «رفع ما اضطرّوا إليه» مرجّح في المقام ، لأنّ المكلّف يضطرّ إلى شرب الماء الطاهر ، وحيث لا يميّزه عن النجس لا يمكنه القطع بالموافقة ، المسبّب عن الجمع في الترك ، لوقوعه في الضرر ، فيتنزّل العقل من الموافقة القطعيّة إلى الموافقة الاحتماليّة. ومنشأ التنزّل هو ترخيص المولى في ارتكاب بعض الأطراف لرفع الاضطرار ، ومن المعلوم أنّ الاضطرار يرتفع بصرف الوجود ، فلا محالة يكون الترخيص متعلّقا بصرف الوجود ، وبما أنّ المضطرّ إليه واقعا ليس إلّا خصوص الماء الطاهر كما عرفت ، وصرف الوجود ليس بمضطرّ إليه واقعا ، وإنّما يرفع به الاضطرار ، لا أنّه مصداق للمضطرّ إليه ، فالترخيص ظاهري لا واقعي ، ضرورة أنّ مجرّد الاختيار لا يوجب صيرورة ما يختاره المكلّف ـ وهو أوّل الوجودات ـ لرفع اضطراره مضطرّا إليه واقعا ، فإنّ رفع الاضطرار به غير تعلّق الاضطرار به بالخصوص حقيقة ، وما يسقط التكليف ويكون من حدوده وقيوده هو الثاني دون الأوّل ، وليس الاختيار أيضا من أحد مسقطات التكليف ـ كالاضطرار ـ حتى يكون ما اختاره مباحا واقعا.
فما أفاده صاحب الكفاية ـ من كون أحدهما مباحا واقعا ـ وهو ما يختاره