وبذلك اتّضح أنّ الاضطرار إلى بعض غير المعيّن موجب للتوسّط في التنجيز لا التكليف.
وبعبارة أخرى : أنّ الاضطرار مقتض لكون المقام واسطة بين موارد الشبهات البدويّة وموارد العلم الإجمالي غير المقرونة بالاضطرار ، فإنّ التكليف غير منجّز في موارد الشبهات البدويّة مطلقا ، وفي موارد العلم الإجمالي غير المقرونة بالاضطرار منجّز مطلقا ، وفي جميع الأطراف وفي المقام منجّز في بعض الأطراف غير منجّز في الآخر ، نظير تنجّز التكليف بالأقلّ دون الأكثر ، بمعنى أنّ مخالفة التكليف لو كانت مستندة إلى ما رخّصه الشارع في ارتكابه ـ وهو جميع الأطراف ـ يستحقّ العقاب عليها ، كما أنّ ترك الصلاة لو كان مستندا إلى ترك السورة المشكوك وجوبها ، لا يعاقب عليه ، ولو كان مستندا إلى ترك الركوع والسجود وغير ذلك ممّا تيقّن وجوبه ، يستحقّ عليه العقاب ، لا أنّه مقتض لكون المقام واسطة بين الشبهات البدويّة وموارد الاضطرار إلى المعيّن بعد العلم الإجمالي ، كما أفاده شيخنا الأستاذ (١) قدسسره.
ولمزيد التوضيح نقدّم مقدّمة ، وهي أنّ الحكم الإلزاميّ ـ وجوبيّا كان أو تحريميّا ـ كما يثبت لمطلق الوجود تارة وصرف الوجود أخرى ـ ومثّلنا سابقا للحكم التحريمي ، الثابت لصرف الوجود بمعنى أوّل الوجودات وناقض العدم ـ كذلك الحكم الترخيصي أيضا ـ سواء كان الإباحة أو الكراهة أو الاستحباب ـ يتصوّر ثبوته لمطلق الوجود ولصرف الوجود.
ومثال ثبوته لصرف الوجود : كما إذا أذن أحد لأحد دخول داره مرّة
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٢٦٩ ـ ٢٧١.