صورة حدوث التكليف والعلم به بعد تحقّق الاضطرار.
والسرّ في ذلك أنّ الاضطرار لا يحتمل تعلّقه بالنجس فضلا عن أن يكون مقطوعا ، فالتكليف بوجوب الاجتناب عن النجس فعليّ منجّز ، وليس النجس الواقعي موردا للاضطرار حتى يسقط به ، بل مورد الاضطرار هو المائع الطاهر ، وهل يتوهّم أحد ـ في فرض تميّز النجس عن الطاهر ـ جواز شرب النجس بدعوى تعلّق الاضطرار بأحدهما؟ فإذا كان التكليف فعليّا ولا يحتمل سقوطه والمفروض أنّ المكلّف لا يميّز النجس عن الطاهر حتى يرفع اضطراره بشرب الطاهر ويجتنب عن النجس ولا بدّ له من شرب أحدهما المحتمل انطباقه على النجس ، فليس (١) للمولى أن يرخّص في شرب كلّ منهما ، فإنّه ترخيص في المعصية ، وهو قبيح ، كما ليس له أن لا يرخّص في شيء منهما ، وإلّا يموت المكلّف عطشا ، فلا بدّ له من الترخيص في شرب أحدهما فقط ، فإن صادف الطاهر ، فهو ، وإن صادف النجس ، فلا محذور في ترخيصه ، كما لا محذور في ترخيصه في الاقتحام في الشبهات البدويّة لو صادفت الحرام الواقعي ، وقد ذكرنا أنّ أدلّة الأصول في نفسها لا مانع من شمولها لبعض الأطراف ، ولا يلزم من شمولها له محذور عقلي ، وقلنا : إنّ المانع في مقام الإثبات هو لزوم الترجيح بلا مرجّح ، فإذا فرض في مورد وجود المرجّح لبعض دون بعض ، فدليل الأصل يشمله لا محالة ، ودليل الاضطرار مرجّح في المقام.
وبالجملة ، لا فرق في المقام بين الصّور أصلا ، والتكليف في جميعها منجّز ، كما إذا لم يكن اضطرار في البين ، غاية الأمر أنّ العلم في المقام منجّز في بعض الأطراف ، وفي مورد عدم الاضطرار منجّز في جميع الأطراف.
__________________
(١) جواب لقوله : فإذا كان ...