إليه ، ولو لا ذلك لم يكن عدم الاجتناب عن الطعام استخفافا بحرمة الفأرة ونجاستها ، بل استخفافا بحرمة الطعام فقط.
وإذا ثبت أنّ نجاسة الملاقي بالسراية وأنّها من فروع نجاسة الملاقى وشئونها ، وليس وجوب الاجتناب عن الملاقي أمرا وراء وجوب الاجتناب عن الملاقي ، فمقتضى تنجيز العلم الإجمالي بوجود النجس في البين هو : وجوب الاجتناب عن الملاقي والملاقى والطرف الآخر ، إذ مع عدم الاجتناب عن الملاقي لم يحصل العلم بالموافقة القطعيّة ، ولم يحرز امتثال التكليف المعلوم في البين ، فإنّ من المحتمل انطباق النجس على الملاقى ، واجتنابه على الفرض لا يحصل إلّا بالاجتناب عنه وعن ملاقيه.
وهذا الوجه غير تامّ ضرورة عدم الفرق بين الأفراد العرضيّة من النجاسة ، كفرد من الدم وفرد آخر منه ، أو فرد من البول وفرد من الدم ، والأفراد الطوليّة منها ، كفرد من البول وملاقيه وملاقي ملاقيه على القول بمنجّسيّة المتنجّس في كون كل منها موضوعا مستقلّا لحكم مستقلّ له إطاعة وعصيان ، ومن البيّن أنّ عقاب من يأكل الميتة ويشرب ملاقيها أيضا ليس مساويا لعقاب من يأكل الميتة فقط أو يشرب الماء الّذي لاقاها فقط ، بل يعاقب الأوّل بعقابين والثاني بعقاب واحد ، وهذا أقوى شاهد على أنّ الملاقي محكوم بحكم غير ما هو محكوم به الملاقى ، فمن خالف حكم الملاقي وشرب الماء الملاقي للميتة لا يؤاخذ بأنّك لم أكلت الميتة؟ وهكذا العكس.
وبالجملة ، حال ملاقي النجس في كونه فردا مستقلّا للنجس حال الثوب النجس المغسول بالماء الطاهر ، فكما أنّ الثوب النجس بعد ملاقاته للماء الكرّ الطاهر ليس من فروع الماء الطاهر ومن شئونه ، بل هو فرد من الطاهر والماء فرد آخر من الطاهر ، غاية الأمر أنّ طهارته عرضية ناشئة من طهارة الماء ،