وأمّا الملاقي فهو ليس طرفا للعلم وليس احتمال نجاسته احتمال انطباق النجس المعلوم عليه حتى ينجّز ويجب الاجتناب عنه ، بل احتمال لحدوث نجاسة جديدة وصيرورة النجس في البين اثنين بعد ما كان واحدا.
وبعبارة أخرى : الشكّ في نجاسة الملاقى أو الطرف الآخر شكّ في تعيين النجس الحادث قطعا ، وفي الملاقي شكّ في الحدوث ، لاحتمال ملاقاته للنجس من الإناءين ، فتجري فيه أصالة الطهارة بلا معارض.
وإن لم يكن كذلك ، بل كان أحد المعلومين مقارنا زمانا للمعلوم الآخر ، فالحقّ مع صاحب الكفاية قدسسره ، وأنّ الملاقي والملاقى معا يقعان طرفا للعلم الإجمالي ، ولا أثر لاختلاف الرتبة في أمثال المقام.
وهذا نظير ما إذا علمنا إجمالا ببطلان وضوء صلاة الصبح من جهة عدم المسح فيه ، الّذي هو ملازم لبطلان صلاة الصبح ومتقدّم في الرتبة عليه ، أو صلاة الظهر من جهة عدم الركوع فيها ، فكما لا شكّ في كون الوضوء وصلاة الصبح كليهما ـ مع كونهما في مرتبتين ـ طرفا للعلم ، والطرف الآخر هو صلاة الظهر ، ونسبة قاعدة الفراغ إلى كلّ منها على السواء كذلك الملاقي والملاقى ـ مع أنّ نجاسة أحدهما مسبّبة عن نجاسة الآخر وفي رتبة متأخّرة عنها ـ يكونان معا طرفا والأصل في الطرف الآخر يعارض الأصل في كلّ منهما.
والسرّ في عدم الاعتبار باختلاف الرتبة ما ذكرنا مفصّلا في بحث الضدّ من أنّ اتّحاد الشيئين في الرتبة إنّما يكون فيما إذا تحقّق ملاك الاتّحاد ، وليس جزافا ، فإنّ تأخّر شيء عن أحد شيئين متّحدين في الرتبة لا يستلزم تأخّره عن الشيء الآخر المتّحد مع الأوّل في الرتبة.
نعم ، في التقدّم والتأخّر الزماني بالخصوص كذلك ، فإنّ ملاكه السبق بالزمان ، وهو موجود في المتأخّر عن أحد شيئين متقارنين في الزمان لا محالة.