والغرض بأن يقول : «اقتله» ومن أمر الشارع الحكيم بالغرض ـ كما في (وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا)(١) ـ نستكشف أنّه تحت اختيار العبد ، ويمكن له إيجاد علّته التامّة ، فكلّ ما كان من هذا القبيل يجب على العبد تحصيل القطع بحصول الغرض ، وأخرى تكون بنحو ترتّب المعلول على علّته المعدّة ، كترتّب وجود الثمر على غرس الشجر ووجود الحبّ على الزرع ، ولا يصحّ حينئذ الأمر بالغرض بأن يقول : «أوجد الثمر والحبّ» لخروجه عن تحت اختياره ، فإنّ له أسبابا أخر لا يكون شيء منها مقدورا له ـ من تأثير الشمس والهواء والأرض والملائكة العمّالة وإرادة الله تعالى وغيرها ـ ومن ذلك الإسهال المترتّب على شرب المسهل ، وما كان من هذا القبيل لا يجب تحصيل الغرض على العبد ، ويستكشف من أمر المولى بالعلّة دون الغرض أنّها من العلل المعدّة وأنّ الغرض خارج عن تحت اختيار العبد ، وإلّا لكان الأمر بالغرض أولى بأن يقول : «انه نفسك عن الفحشاء والمنكر» لا أن يقول : «أقم الصلاة».
والحاصل : أنّ الغرض على قسمين في مقام الثبوت :
قسم : يجب على المكلّف تحصيله ، وهو ما لا ينفكّ عن الإتيان بالمأمور به على ما هو عليه.
وقسم ثان : لا يجب تحصيله ، وهو ما ينفكّ عنه ، وله وسائط أخر غير اختياريّة.
والكاشف عن القسم الأوّل في مقام الإثبات تعلّق الأمر بنفس الغرض ، وعن القسم الثاني تعلّقه بالفعل ، فكلّما شكّ في حصول الغرض من الأمر المتعلّق بنفس الفعل دون الغرض كان المرجع فيه البراءة العقليّة إذا رجع الشكّ
__________________
(١) المائدة : ٦.