وبالجملة ، الشكّ في حصول الغرض على قسمين : قسم يرجع إلى الشكّ في حصول الغرض الواصل ، وهو مورد للاشتغال ، وقسم ثان يرجع إلى الشكّ في أصل تعلّق الغرض بالمشكوك ، وهو كالشكّ في أصل التكليف مورد لقاعدة قبح العقاب بلا بيان.
وفي المقام تعلّق الغرض من أمر (أَقِيمُوا الصَّلاةَ)(١) بما عدا السورة متيقّن ، وتعلّقه بها مشكوك ، ففوت الغرض لو كان مستندا إلى العبد ـ بأن ترك ما يعلم دخله في الغرض كالركوع والسجود وأمثال ذلك ـ لا يقبح عليه العقاب في نظر العقل ، وإن كان مستندا إلى المولى ـ بأن ترك ما يحتمل دخله في الغرض كالسورة ـ فالعقاب عليه عقاب بلا بيان ، حيث إنّ المولى لم يبيّن دخلها في غرضه ولم يقصّر العبد فيما هو وظيفته من الفحص والبحث ، فله حجّة على المولى ، ويقول : «إنّي كنت عبدا مطيعا ، وكلّ ما بيّنت أنّه محبوب لك ومتعلّق لغرضك أتيت به ، لما ذا ما بيّنت أنّ السورة أيضا دخيلة في غرضك حتى آتي بها وأحصّل غرضك؟».
وبعبارة أخرى واضحة : الأغراض المترتّبة على الأحكام تارة تكون بحيث يفهمها عامّة الناس عند أمر المولى بالفعل .. (٢). له كحصول القتل المترتّب على ضرب العنق ، فإنّ كلّ أحد يفهم من «اضرب عنق زيد» أنّ الغرض من هذا الأمر هو حصول القتل في الخارج وخروج الروح عن الجسد ، فإن كانت بهذه المثابة فلا بدّ من الاحتياط عند الشكّ في حصولها ، فلو ضرب عنق زيد واحتمل عدم تأثيره في قتله ، لا يجوز له التمسّك بإطلاق أمر «اضرب عنقه» وأخرى تكون بحيث لا يفهمها إلّا أقلّ قليل من أهل العرف ، بل أكثرهم
__________________
(١) البقرة : ٤٣.
(٢) مكان النقاط مخروم في الأصل ، ولعلّها : المحصّل.