ولا ينسى في الآخر ، فأيّ عنوان يكون ملازما للناسي دائما حتى يوجّه إليه الخطاب بذاك العنوان الجامع لجميع أفراد الناسي بجميع أفراد النسيان؟
الثاني : أنّه يمكن أن يكلّف جميع المكلّفين بخصوص الأركان مثلا ثمّ يكلّف خصوص الذاكر بسائر الأجزاء ويوجّه إليه الخطاب بخصوصه (١).
وهذا الوجه وإن كان متينا لا إشكال فيه إلّا أنّه شعر بلا ضرورة والتزام بلا ملزم ، لأنّ الحكم حقيقته ـ كما مرّ غير مرّة ـ ليست إلّا الاعتبار كاعتبار كون الفعل على ذمّة المكلّف ـ مثلا ـ في الحكم الإيجابي ، ففي مقام الثبوت اعتبار الفاقدة للجزء أو الشرط المنسيّ ـ مثلا ـ على ذمّة الناسي بمكان من الإمكان إذا كان له ملاك ملزم في هذا الحال ، وتفهيم هذا الحكم في مقام الإثبات لا يحتاج إلى خطاب حتى يقال : إنّه غير معقول ، لما ذكر ، بل يمكن تفهيمه بالجملة الخبرية ، كما هو واقع ، فإنّ خبر «لا تعاد» جملة خبريّة يستفاد منها أنّ كلّ من نقّص في صلاته بنسيان أو غيره ولم يكن من الخمس لا تجب عليه إعادة الصلاة وصلاته صحيحة تامّة ، فيفهم كون الصلاة الفاقدة للجزء أو الشرط المنسيّ مأمورا بها ، وأنّ لها ملاكا ملزما لا يحتاج إلى الخطاب.
نعم ، يبقى شيء ، وهو : أنّ محرّكه حين العمل لا يكون مثل هذا الحكم الّذي لا يلتفت إليه حال العمل ، بل ربّما لا يعلم به إلّا بعد الصلاة ، فكيف تكون صحّة الصلاة مستندة إلى مثل هذا الحكم!؟
وهذا واضح الدفع ، فإنّه يأتي بالعمل بداعي أمره الواقعي ، والمفروض أنّ ما يأتي به مأمور به واقعا في حقّه ، فالصحّة مستندة إلى الأمر الواقعي المتعلّق بهذا الّذي يأتي به خارجا ، غاية الأمر أنّه مخطئ في تطبيقه ، فإنّه يتخيّل أنّ
__________________
(١) كفاية الأصول : ٤١٨.