احتمال النسخ ، بل من جهة الشكّ في سعة دائرة موضوعه وضيقها ، كاستصحاب نجاسة الماء المتغيّر الزائل تغيّره من قبل نفسه ، والماء المتمّم كرّا ، وحرمة وطء الحائض بعد النقاء وقبل الاغتسال ، فإنّ الشكّ في جميع ذلك ليس من جهة احتمال النسخ ، بل من جهة سعة دائرة الموضوع وضيقها من أوّل الأمر ، فلا نعلم أنّ موضوع حرمة الوطء ـ مثلا ـ هل هو وسيع يشمل قبل النقاء وبعده وقبل الاغتسال ، أو ضيّق لا يشمل إلّا أفراد الوطء حال الحيض؟ فحينئذ يفرض المجتهد وجود امرأة في الخارج قد انقضت أيّام أقرائه ولم تغتسل بعد ، ويقول : تلك المرأة المفروضة كانت محرّمة الوطء قبل نقائها يقينا والآن يشكّ في بقاء الحرمة ، فيستصحبها ويفتي في رسالته بحرمة وطئها.
والثالث : استصحاب الحكم الجزئي الشخصي ، مثل : استصحاب نجاسة هذا الثوب وطهارة هذا الماء ، وهذا ليس من شأن المجتهد في شيء ولا أثر ليقينه وشكّه أصلا بالنسبة إلى مقلّده ، بل ليس للمجتهد إلّا الفتوى بجواز البناء على اليقين السابق فيما إذا علم طهارة شيء ثمّ شكّ في نجاسته مثلا ، فإذا تحقّقت أركان الاستصحاب للمقلّد من اليقين السابق والشكّ اللاحق ، يجري الاستصحاب ولو كان مجتهده معتقدا خلاف ذلك ، والاستصحاب في المقام فيما إذا كان العذر ابتدائيّا ـ لا ينطبق على شيء من هذه الأقسام.
أمّا الأخير : فواضح ، إذ ليس الشكّ في المقام من جهة الأمور الخارجيّة ، وهكذا الأوّل ، ضرورة أنّ وجوب أصل الصلاة معلوم لنا لا نشكّ فيه ولا نحتمل نسخه ، ولو احتملنا لجرى الاستصحاب ، ولكن لا ربط له بما نحن بصدده.
وأمّا عدم كونه من القسم الثاني : فلأنّ الوجوب سعة دائرته وضيقها مجهولان لنا من أوّل الأمر ، إذ تعلّقه بأصل الصلاة وإن كان معلوما إلّا أنّ شموله لمثل هذا المكلّف غير المتمكّن من إتيان جميع الأجزاء من أوّل الوقت