لا يقال : إنّ «الشيء» في قوله عليهالسلام : «إذا أمرتكم بشيء» إلى آخره ، عامّ للكلّ والكلّي ، فينطبق على المورد وغيره ، ولا موجب لتخصيص «الشيء» بخصوص الكلّي مع كونه عامّا له وللكلّ.
فإنّه يقال : نعم ، إلّا أنّ الأمر بالكلّي ينحلّ إلى أفراده ويتعدّد حسب تعدّد أفراده ، ففي الحقيقة ليس الأمر بالكلّي أمرا واحدا وإن كان صورة كذلك بل هو أوامر متعدّدة.
ولمزيد التوضيح نقول : إنّ الإتيان تارة يتعدّى بنفسه ، كما في قوله تعالى : (وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ)(١) وأخرى يتعدّى بالباء ، كما يقال : «أتى بالصلاة» وعلى كلّ تقدير يكون الإتيان بمعنى الإيجاد في مثل «أتى بالصلاة» و «أتى الفاحشة» إمّا حقيقة أو يكون معناه في جميع الموارد هو المجيء ، كما يقال : «أتيت زيدا» أو «أتيت عنده» أي جئته أو جئت عنده ، ولكن يكون في مثل «أتى بالصلاة» و «أتى الفاحشة» كناية عن الإيجاد ، كما أنّه في «أتى أهله» كناية عن الوطء ، فهو متعدّ يحتاج إلى مفعول بنفسه أو بالواسطة ، ولا يمكن أن يكون مفعوله في الرواية هو الضمير المجرور ، وتكون «ما» زمانيّة كما عرفت ، بل لا بدّ أن يكون مفعوله هو «ما استطعتم» بجعل «ما» موصولة ، ولا مانع من تقديم متعلّقات الموصول ـ إذا كانت ظروفا ـ عليه ، كما يقال : «كل من الطعام ما تشتهيه» والظرف ـ وهو «منه» ـ متعلّق ب «ما استطعتم» وبيان له ، ولا ينافي كون «من» ـ مع كونها تبعيضيّة ـ بيانيّة ، كما في «خاتم من فضّة» فإنّها للتبعيض والتقطيع ولتبيين أنّ الخاتم بعض أفراد الفضّة وقطعة من هذه الطبيعة ومن مصاديقها.
__________________
(١) النساء : ١٥.