المانعيّة والجزئيّة حيث إنّه مشكوك يرفع بحديث الرفع وغيره من أدلّة البراءة ، ولا يلزم من جريان الأصل في كلتيهما إلّا المخالفة القطعيّة الالتزاميّة ، وهي غير مانعة عن جريان أصل البراءة في أطراف العلم الإجمالي ، وإنّما المانع منه على مبناه قدسسره ـ كما تكرّر في كلامه ـ هو لزوم المخالفة القطعيّة العمليّة ، وهو في المقام مفقود ، ضرورة أنّ المكلّف لا يعقل أن يكون فاعلا وتاركا للمشكوك في صلاته.
وهذا ـ كما أفاده شيخنا الأستاذ (١) قدسسره ـ لم يكن مترقّبا من مثله قدسسره ، فإنّ المأمور به ليس هذه الصلاة الشخصيّة الخارجيّة حتى يقال : إنّ الأمر دائر بين محذورين لا يمكن الموافقة القطعيّة ولا المخالفة القطعيّة ، بل المأمور به هو الطبيعة ، ولها أفراد طوليّة وعرضيّة ، ومن الواضح أنّه يمكن للمكلّف القطع بالموافقة بإيجاد فردين من طبيعة الصلاة فاعلا في أحدهما المشكوك وتاركا إيّاه في الآخر ، كما أنّه يمكنه أن يترك الصلاة أصلا ، فلا ريب في وجوب تكرار الصلاة والإتيان مع المشكوك تارة ومجرّدا عنه أخرى.
هذا ، مضافا إلى أنّه ـ قدسسره ـ التزم فيما دار أمر الصلاة بين القصر والتمام بوجوب الجمع (٢) ، مع أنّه صغرى من صغريات هذه الكبرى ، فإنّ أمر السلام في الركعة الثانية مردّد بين كونه جزءا للصلاة على تقدير كون الواجب في الواقع هو القصر ، وبين كونه قاطعا على فرض كون الواجب هو التمام.
__________________
(١) أجود التقريرات ٢ : ٣١٦.
(٢) فرائد الأصول : ٢٦٤.