جهة أنّه يلزم منه اللغو واللعب والعبث بأمر المولى ، فإنّ من اشتبهت القبلة عليه واشتبه ثوبه الطاهر ومسجده الطاهر بين خمسة ثياب وخمسة مساجد مثلا إذا أراد الاحتياط ، يلزمه أن يأتي بمائة صلاة إلى أربع جوانب في كلّ جانب خمسا وعشرين صلاة حتى يعلم بإتيان صلاة واحدة في ثوب طاهر على مسجد طاهر إلى القبلة ، وهذا لا يعدّ امتثالا لأمر المولى عند العقلاء ، بل يعدّ لعبا وعبثا بأمره (١).
وأجاب عنه صاحب الكفاية بجوابين :
الأوّل : أنّ الاحتياط ربما لا يكون عبثا ، بل يكون بداع عقلائي.
الثاني : أنّ اللعب والعبث ليسا في نفس الامتثال ، بل في كيفيّته (٢).
وفي كلا الجوابين مسامحة واضحة.
أمّا الأوّل : فلأنّ الامتثال لا بدّ وأن يكون بداع إلهي ولا يكفي الداعي العقلائي ، وإن كان المقصود أنّ كيفيّة الامتثال ليست عبثا بل بداع عقلائي ، فلا يكون جوابا مستقلّا ، بل لا بدّ من انضمام الثاني إليه.
وأمّا الثاني : فلأنّ كيفيّة الامتثال لا يعقل أن تكون عبثا دون الامتثال ، فإنّها ليست إلّا عبارة عن إتيان المأمور به على ما هو عليه ، وبإتيان العمل بهذه الكيفيّة ـ أي على ما هو عليه ـ يتحقّق الامتثال ، والمفروض أنّ المكلّف أتى به كذلك ، واللعب والعبث ليسا في شيء من الأفراد مع قطع النّظر عن انضمام الغير إليه ، فكلّ واحد منها إذا لوحظ لا بشرط ، لا لعب ولا عبث فيه ، وإنّما اللعب والعبث يلزمان ـ على فرض لزومهما ـ من انضمام غير المأمور به إلى المأمور به ، فنفس المأمور به لا لعب ولا عبث فيه ، لوقوعه على ما هو عليه ،
__________________
(١) فرائد الأصول : ٢٩٩.
(٢) كفاية الأصول : ٤٢٣.