المعتمدة للشيعة بالعلم الإجمالي مردّدة بين الأقلّ والأكثر بهذا العنوان ، فإذا ظفرنا بالمقدار المعلوم بالإجمال منها ، فلا محالة ينحلّ كلا العلمين : العلم الإجمالي بثبوت تكاليف علينا ، والعلم بوجود تكاليف في هذه الكتب المعتمدة.
ومثال الدفتر أيضا كذلك ، ووجوب الفحص فيه ليس من جهة عدم انحلال العلم الإجمالي وإلّا للزم الاحتياط لو فقد الدفتر ولم يتمكّن من الفحص ، مع أنّه لا يجب قطعا ، بل يكون لدليل خارج ، نظير وجوب الفحص عن بلوغ المال إلى حدّ النصاب وعدمه ، وعن تحقّق الاستطاعة وعدمه ، وغير ذلك ممّا يجب الفحص فيه مع أنّه ليس علم إجمالي في البين.
وثانيهما : أنّ العقل مستقلّ بوجوب الفحص عمّا لا ينكشف غالبا للمكلّف من الأحكام إلّا بالفحص ، ولولاه لوقع في المخالفة كثيرا ، بداهة أنّ مبنى الشرع ليس على إيصال التكاليف إلى المكلّف قهرا ، بل على تبليغها على النحو المتعارف ، وهو جعلها في محلّ يمكنه أن يصل إليه. وهذا من صغريات وجوب النّظر إلى معجزة من يدّعي النبوّة ، وإلّا لزم إفحام الأنبياء ، فأدلّة البراءة مختصّة بخصوص الشبهات البدويّة بعد الفحص.
وبعبارة أخرى : هذه القرينة العقليّة موجبة لانصرافها عن الشبهات قبل الفحص وموجبة لعدم انعقاد ظهور لها في ذلك
الثالث : الأخبار المتظافرة المتكاثرة الدالّة على أنّ التعلّم واجب ، ولا يكون الجهل عذرا عند المخالفة مع التمكّن من العلم بالحكم بالفحص ، فهي مخصّصة لعمومات أدلّة البراءة ، وجملة من أدلّة البراءة والاحتياط أيضا لها قوّة ظهور في وجوب التوقّف والاحتياط في خصوص الشبهات قبل الفحص ، كما مرّ بيانه.