وهو الحقّ الحقيق بالتصديق ، فإنّ لازم كون المجعول المنجّزيّة والمعذّريّة هو التخصيص(١) في الأحكام العقليّة.
بيان الملازمة : أنّ قاعدة قبح العقاب بلا بيان قاعدة عقليّة غير قابلة للتخصيص ، موضوعها عدم البيان ، فالمكلّف الشاكّ لو كان داخلا في موضوع القاعدة بعد قيام الأمارة ـ بأن كان الحكم الواقعي لم يصل إليه بعد لا وصولا حقيقيّا ولا وصولا تعبّديّا ومع ذلك جعل الشارع التنجّز واستحقاق العقاب على فرض المخالفة ، والعذر على تقدير الموافقة وعدم الإصابة ـ فلازمه أن يخصّص القاعدة ويقال : إنّ العقاب بلا بيان من الشارع قبيح في جميع الموارد إلّا في مورد قيام الأمارة فهو غير قبيح ، كما يقال : اجتماع النقيضين في جميع الموارد مستحيل إلّا في مورد كان كذا ، وبطلان اللازم بديهيّ لا يحتاج إلى بيان.
وإن كان خارجا عن موضوع القاعدة ـ بأن كان قيام الأمارة رافعا لشكّه ، لجعل الأمارة بيانا وانكشافا تعبّديّا بإعطاء الشارع صفة الانكشاف التامّ لما ليس له ذلك في طبعه وكان له كشف ناقص ومع ذلك ـ أي مع جعل الانكشاف
__________________
(١) لمّا كانت حقيقة التخصيص والحكومة أمرا واحدا ـ والاختلاف بينهما في مقام الإثبات والبيان ، فإنّ التخصيص إخراج حكم الشيء بلسان نفي الحكم ، والحكومة إخراجه بلسان نفي الموضوع تعبّدا ـ فالحكومة والقول بالوسطيّة في الإثبات في الأمارة أيضا توجب التخصيص في الأحكام العقليّة. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ القول بالوسطيّة لا يوجب حكومة دليل الأمارة على قبح العقاب بلا بيان ، فإنّ شرط الحكومة أن يكون الحاكم والمحكوم من واحد ، وهنا ليس كذلك ، فإنّ الحاكم من الشارع والمحكوم من العقل. والصحيح هو الورود بجعل «البيان» في موضوع القاعدة هو الأعمّ من العلم الوجداني ، بل معناه الحجّة ، وبورود كلّ حجّة ينتفي «لا بيان» وجدانا بالتعبّد في قبال انتفاء الموضوع وجدانا بالتكوين وهو التخصّص. ولا فرق في تحقّق الورود بين المباني في المجعول في مورد الأمارة وإن كان الأنسب بلسان الأدلّة هو جعل الطريقيّة. (م).