ويقال : ضرّه وأضرّ به إذا أوقعه في الضرر ، يتعدّى ثلاثيّة بنفسه ومزيدة بالباء بعكس سائر الأفعال. ويقال : تضرّر إذا وقع في الضرر.
وأمّا الضرار فهو مصدر إمّا للثلاثي ك «كتاب» أو لباب المفاعلة ، وهو : ضارّ يضارّ ، ك «قتال» ل «قاتل» وبذلك ظهر أنّ الضرار ليس بمعنى الضرر ، فإنّه مصدر لوحظ فيه انتسابه إلى فاعل ما ، والضرر اسم مصدر لم يلحظ فيه ذلك.
والظاهر ـ كما يستفاد من موارد استعماله في القرآن وغيره ـ أنّ باب المفاعلة ليس لفعل الاثنين ، وإنّما يكون باب التفاعل كذلك ، بل غالب موارد استعماله ـ لو لم يكن جميعها ـ في مقام إرادة إيقاع المادّة على الغير والقيام مقامه سواء وقع أو لم يقع ، مثل : «قاتل معه» بمعنى أنّه قام في مقام قتله ، لا أنّه قتله وهو أيضا قتله. وأظهر موارد استعماله في هذا المعنى هو قوله تعالى : (يُخادِعُونَ اللهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَما يَشْعُرُونَ)(١) فإنّ معناه بحسب الظاهر ـ والله العالم ـ أنّ المنافقين يقومون مع الله والمؤمنين مقام الخدعة ولكن لا تقع الخدعة على الله تعالى والمؤمنين ، بل تقع على أنفسهم ، فهم بأنفسهم ينخدعون ولا يشعرون. وهذا من تحقيقات شيخنا المحقّق الشيخ محمد حسين الأصبهاني الكمپاني (٢). فالمنفي في الحديث أمران : أحدهما : الضرر ، والآخر : القيام مقام إضرار الغير ، كما هو الظاهر من قوله صلىاللهعليهوآله لسمرة ـ الّذي كان من الأشقياء ـ بعد إبائه : «إنّك رجل مضارّ» (٣) إذ لا معنى لكونه فعلا للاثنين ، فإنّ الأنصاري لم يضرّ بسمرة ، فالمعنى على الظاهر : إنّك رجل قمت
__________________
(١) البقرة : ٩.
(٢) انظر : نهاية الدراية ٤ : ٤٣٧.
(٣) الكافي ٥ : ٢٩٤ ـ ٨ ، الوسائل ٢٥ : ٤٢٩ ، الباب ١٢ من أبواب كتاب إحياء الموات ، الحديث ٤.