النسخ له ، كما في «لا رهبانية في الإسلام» أو من جهة كونه أمرا متداولا بين العقلاء فينفى في مقام الردع عن سيرتهم وعدم إمضاء رويّتهم كما في «لا نجش في الإسلام» بناء على أنّ المراد من النجش هو الزيادة في الثمن بلا قصد الاشتراء لترغيب المشتري ، فإنّه أمر متداول بين العقلاء وشيء جائز عندهم ، فنفي الشارع إيّاه ، ورفع جوازه العقلائي وحكم بأنّه غير ثابت في دين الإسلام ، وهكذا حكم بأنّ الرهبانيّة ـ التي كانت في شريعة عيسى عليه السلم جائزة ـ غير ثابتة في هذه الشريعة ، ولا تكون محكومة بالجواز. والنفي في هذا القسم يتعلّق بالدين لا بالخارج لا وجود كما في القسم الأوّل ولا انطباقا كما في القسم الثاني.
ومعنى سادس ، وهو أن يكون النفي أيضا ناظرا إلى الدين كالسابق لكن متعلّقه نفس جعل المولى لا فعل من أفعال المكلّف كما في السابق ، كما في قوله تعالى : (ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ)(١) فإنّ الحرج عنوان ينطبق على فعل المولى كما ينطبق على فعل العبد ، فكما يصدق أنّ المكلّف أوقع نفسه في الحرج إذا ارتكب أمرا شاقّا كذلك يصدق أنّ الشارع أوقع المكلّفين في الحرج إذا كلّفهم بتكليف شاقّ حرجيّ ، فإلزام بني إسرائيل بأن يقرضوا ما أصابه البول من بدنهم ـ وهذا في غير المخرج ، لعدم صدق الإصابة فيه ـ بالمقاريض ـ كما دلّت عليه رواية (٢) ـ تكليف شاقّ حرجيّ كان مجعولا في شريعتهم ، فالمنفي على هذا نفس الحكم الحرجيّ ، وظرف المنفي الدين الّذي هو عبارة عن مجموعة من الأحكام المجعولة ، والنفي على هذا حقيقيّ ليس فيه
__________________
(١) الحجّ : ٧٨.
(٢) الفقيه ١ : ٩ ـ ١٣ ، التهذيب ١ : ٣٥٦ ـ ١٠٦٤ ، الوسائل ١ : ١٣٣ ـ ١٣٤ ، الباب ١ من أبواب الماء المطلق ، الحديث ٤.