الغليان.
وقسم ثالث يكون دليل الحاكم ناظرا إلى عقد الحمل وشارحا لسعة دائرة حكم دليل المحكوم وضيقها. وهذا القسم أيضا ـ كالقسم الأوّل ـ قليل ، وينحصر ظاهرا في موردين : «لا حرج في الدين» و «لا ضرر ولا ضرار في الإسلام».
بيانه : أنّ نفي الحرج والضرر ليس نفيا لهما في الخارج بل النفي يتعلّق بالأحكام الحرجيّة والضرريّة على التقريب السابق ، فلا محالة لا بدّ أن يكون هناك أحكام مجعولة مطلقة من حيث الضرر والحرج وعدمهما حتى يكون «لا حرج» و «لا ضرر» ناظرين إلى تلك الأحكام ومضيّقين لدائرتها وشارحين لأنّ المراد الجدّي منهما هو ما لا يستلزم الحرج والضرر.
والجامع بين جميع الأقسام أن يكون أحد الدليلين بحيث يكون لغوا لو لم يكن الدليل الآخر ، فإنّ دليل «لا ربا بين الوالد والولد» لو لم يكن دليل (حَرَّمَ الرِّبا) يكون لغوا محضا ، إذ المفروض أنّه لا يستفاد منه حكم ، ولم يثبت حكم على الرّبا حتى يكون نافيا له ، وليس المراد منه تضييق دائرة معنى الرّبا لغة وأنّ الزيادة بين الوالد والولد ليس من الرّبا لغة بالضرورة ، وهكذا في سائر موارد الحكومة ، وهذا بخلاف ما إذا كان نفي الحرمة بلسان التخصيص ، مثل ما إذا ورد «الرّبا بين الوالد والولد ليس بحرام» فإنّه كلام مفيد للحكم الترخيصي ولو لم يكن (حَرَّمَ الرِّبا) أصلا.
وممّا ذكرنا ظهر ثبوت الأمر الثاني وأنّ دليل «لا ضرر» حاكم على أدلّة الأحكام الأوّليّة وناظر إليها.
__________________
ـ الوسائل ١ : ٢٣٠ ، الباب ٢ من أبواب الماء المضاف والمستعمل ، الحديث ٢.