قسم يكون بلسان «عنيت» و «أردت» وما يرادف ذلك ، وهذا قليل في الغاية ، بل لم نظفر عليه في الروايات إلّا في مورد أو موردين ، والّذي أذكر قوله عليهالسلام مضمونا : «أردت به الشكّ بين الثلاث والأربع» بعد ما اتّفق للسائل السؤال عن قوله عليهالسلام : «الفقيه لا يعيد الصلاة» (١).
وقسم آخر يكون دليل الحاكم ناظرا إلى عقد الوضع ومبيّنا لسعة دائرة موضوع دليل المحكوم أو ضيقها ، وهذا كثير شائع بل أغلب موارد الحكومة من هذا القبيل.
فمن أمثلة ما يكون دليل الحاكم مضيّقا لموضوع دليل المحكوم : «لا شكّ لكثير الشكّ» ووجه كونه ناظرا إلى أدلّة الشكوك : أنّ سلب الشكّ عن كثير الشكّ لا يمكن أن يكون سلبا حقيقيّا ، ضرورة أنّ لازمه سلب الشيء عن نفسه ، فلا محالة يكون ناظرا إلى الأحكام الثابتة على عنوان الشكّ ورافعا لموضوعيّة شكّ كثير الشكّ لهذه الأحكام واقعا ، ومبيّنا لأنّ المراد الجدّي من الشكّ المأخوذ في موضوعها هو غير هذا الفرد من الشكّ.
ومن أمثلة ما يكون دليل الحاكم ناظرا إلى موضوع دليل المحكوم ومبيّنا لسعته : «الطواف بالبيت صلاة» فإنّه ناظر إلى إدخال الطواف في موضوع أحكام الصلاة وتوسعته ومبيّن لترتّب أحكام الصلاة عليه واعتبار ما يعتبر في الصلاة من الطهارة والستر وغير ذلك من الشرائط فيه. وهكذا «الفقاع خمر استصغره الناس» (٢) وقوله عليهالسلام : «تلك الخمرة المنتنة» (٣) مشيرا إلى العصير العنبي بعد
__________________
(١) التهذيب ٢ : ١٩٣ ـ ٧٦٠ ، الاستبصار ١ : ٣٧٥ ـ ١٤٢٤ ، الوسائل ٨ : ٢١٥ ، الباب ٩ من أبواب الخلل ، الحديث ٣ ، وليس فيها في الموضع الثاني قوله : عليهالسلام.
(٢) الكافي ٦ : ٤٢٣ ـ ٩ ، التهذيب ٩ : ١٢٥ ـ ٥٤٠ ، الاستبصار ٤ : ٩٥ ـ ٣٦٩ ، الوسائل ٢٥ : ٣٦٥ ، الباب ٢٨ من أبواب الأشربة المحرّمة ، الحديث ١.
(٣) الكافي ١ : ٣٥٠ ـ ٦ و ٦ : ٤١٦ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٢٠ ـ ٦٢٩ ، الاستبصار ١ : ١٦ ـ ٢٩ ، ـ