عدم ترشّح الحرمة من العناوين التوليديّة المحرّمة إلى ما يتولّد منها.
وأمّا مع الالتزام بكلا الأمرين فلا يمكن الحكم بصحّة هذه العبادات أصلا ، بل لا مناص عن الحكم بالبطلان لا من جهة قاعدة لا ضرر ، لما ذكرنا من أنّ شمولها لأمثال ذلك خلاف الامتنان ، بل من جهة أنّ الوضوء الضرري ـ مع العلم بعدم كونه ضرريّا بعد تسليم أنّ الإضرار بالنفس كالإضرار بالغير محرّم من المحرّمات الذاتيّة وتسليم أنّ الحرمة تترشّح من عنوان الإضرار المحرّم إلى ما يتولّد منه وهو الوضوء ـ يقع مبغوضا وحراما (١) ، ولا ريب في أنّ الحرام والمبغوض لا يصلح لأنّ يتقرّب به.
فما نسب إلى المشهور من حرمة الإضرار بالنفس ومبغوضيّة الوضوء المضرّ لا يجتمع مع الحكم بصحّة الوضوء الضرري حال الجهل بالضرر واعتقاد عدمه ، ضرورة عدم مدخليّة العلم والجهل في الحرمة ، ومع كونه حراما كيف يكون مقرّبا!؟
ونظير ذلك ما ذكروا في باب الصلاة في المكان المغصوب من صحّة الصلاة مع الجهل بالغصبيّة.
ولا وجه له أيضا ، بل لا بدّ من الحكم بالبطلان ووجوب الإعادة أو القضاء بعد الانكشاف والعلم بالغصبيّة إلّا على القول بجواز اجتماع الأمر والنهي ، بل لا بدّ من الحكم ببطلان كلّ عبادة اتّحدت مع عنوان الحرام.
__________________
(١) أقول : إنّ المانع عن وقوع العمل محبوبا هو كونه مبغوضا ، والحرام عند الجهل بالحرمة ـ كما هو المفروض فيما نحن فيه ـ وإن كان حراما إلّا أنّه غير مبغوض للمولى ، ولا دليل على الملازمة بين الحرمة والمبغوضية لا عقلا ولا شرعا ، فبناء عليه لا إشكال في صحة الوضوء الضرري المحرّم عند الجهل بالضرر واعتقاد عدمه ، لأنّه غير مبغوض للمولى وإن كان حراما ، فيقع حراما غير مبغوض ، فلا مانع من شمول الأدلّة العامّة والمطلقة ، فالصحيح ما ذهب إليه المشهور من صحة الوضوء المذكور. (م).