لم يكن مأمورا به أصلا ، لتقيّد أمر الصوم بصورة عدم الضرر ، والمفروض عدم تعلّق أمر آخر به استحبابيّا ، فيقع الضرريّ منه باطلا.
ولا يرد على ما ذكرنا في الوضوء من صحّته وصحّة التيمّم أيضا ـ وبعبارة أخرى : التخيير بين الوضوء والتيمّم ـ ما أورده شيخنا الأستاذ من لزوم شبه التناقض (١) ، لما عرفت من أنّه لا مانع من إثبات الشارع حكم الفاقد على الواجد أيضا.
إن قلت : ما الفرق بين «لا ضرر» الّذي التزمتم بأنّه لا يشمل الأحكام غير الإلزاميّة وبين حديث الرفع الّذي اخترتم أنّه يشمل كلّ مجهول ، سواء كان حكما إلزاميّا أو غيره؟
قلت : حديث الرفع حيث جعل للترخيص الظاهري بلسان الرفع ، ومعه يمكن الاحتياط ودرك المحبوبيّة الواقعيّة أو التحفّظ عن الوقوع في المبغوض غير الإلزاميّ الواقعي ، فليس رفعه ـ أي الحكم غير الإلزاميّ ـ خلاف الامتنان ، وهذا بخلاف نفي الضرر ، فإنّه واقعي ولسانه نفي ما يوجب الضرر وعدم جعل ما يلقي المكلّف في الضرر ، ومن المعلوم أنّ الحكم غير الإلزاميّ حيث إنّ ترك متعلّقه بيد المكلّف لا يصحّ استناد الضرر إلى الشارع ، كما أنّ الحكومة إذا رخّصت في الإضرار بالنفس لا يمكن أن يقال : إنّ الحكومة ألقت رعيّته في الضرر إذا أضرّوا بأنفسهم ، فلا يكون جعله موجبا لإلقاء المكلّف في الضرر ، فلا يكون مرفوعا.
مضافا إلى أنّه لا امتنان في رفعه ، لما عرفت من أنّ الرفع واقعي لا يمكن معه درك محبوب المولى ، بل الامتنان في جعله ، وهكذا الكلام في الحكم غير
__________________
(١) قاعدة لا ضرر (المطبوعة مع منية الطالب) : ٢١٦.