قطعا (١) ، ولا يلزم منه محذور المناقضة بينه وبين المعلوم بالإجمال ، كما لا يلزم ذلك ، في الحكم الظاهري مع الواقعي في الشبهة غير المحصورة بل الشبهة البدويّة ، فكما أنّ شرب التتن محكوم ـ بالحكم الظاهري ـ بالإباحة مع احتمال كونه حراما في الواقع ولا تنافي ولا مناقضة في البين ، كذلك من الممكن أن يحكم كلّ من المائعين ـ اللذين أحدهما خمر ـ بحكم الشارع في الظاهر بجواز الشرب مع حكمه بأنّ الخمر الواقعي حرام واقعا ، إذ احتمال اجتماع المتناقضين كالقطع به في الاستحالة ، فمن وقوع الترخيص في الشبهات البدويّة يعلم عدم التنافي والمناقضة بين الحكم الظاهري والواقعي ، فلا مانع من جعله على خلاف المعلوم بالإجمال في الأطراف ، لانحفاظ رتبته من جهة الشكّ في التكليف في كلّ واحد من أطراف العلم ، وعدم إمكان الإذن في مخالفة العلم التفصيليّ من جهة عدم انحفاظ مرتبة الحكم الظاهري وهو الشكّ في الحكم ، الّذي هو مفقود في العلم التفصيليّ ، بخلاف الإجمالي ، ولو فرض محالا أن يشكّ أحد فيما يعلمه تفصيلا ، لا يمكن جعل الحكم الظاهر على خلاف المعلوم بالتفصيل أيضا.
وللجواب عمّا أفاده نقدّم مقدّمة ، وهي : أنّ التضادّ بين الحكمين ـ كما سيأتي إن شاء الله في أوّل مبحث الظنّ في الجمع بين الحكم الظاهري والواقعي ـ ليس باعتبار كونهما كلامين صادرين من المولى ، فإنّ قوليه : «افعل كذا» و «لا تفعل» لا تضادّ بينهما بما أنّهما قولان بالضرورة ، ولا باعتبار واقعهما ، وهو اعتبار كون الفعل على ذمّة المكلّف إتيانه أو تركه ، أو كونه مرخّصا في الفعل والترك ، ضرورة أنّ الاعتبار فعل من أفعال النّفس خفيف
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٣.