والمفروض أنّه أتى به ، وقصد القربة وقد تحقّق بالإتيان بداعي احتمال المطلوبية (١).
واستشكل عليه شيخنا الأستاذ ـ قدسسره ـ بأنّ الحاكم في باب الطاعة حيث إنّه هو العقل وهو إنّما يحكم بحسن الاحتياط وكفاية التحرّك باحتمال الأمر مع عدم التمكّن من الامتثال التفصيليّ ، والتحرّك بنفس تحريك المولى والانبعاث يبعثه ، فالإتيان بداعي احتمال الأمر ورجاء المطلوبيّة امتثال في طول الإتيان بداعي الأمر المعلوم ، والتحرّك بتحريك المولى بحكم العقل ، فلا يحسن الاحتياط قبل الفحص.
وعلى تقدير الشكّ وعدم استكشاف ذلك من العقل فمقتضى القاعدة هو الرجوع إلى أصالة الاشتغال لا البراءة ، إذ الشكّ ليس في أمر مجعول شرعا حتى يرفع بحديث الرفع ، بل الشكّ في موضوع حكم العقل ، وأنّه هل هذه العبادة المأتيّة بهذه الكيفيّة ممّا يراه العقل طاعة ، ولا يعتبر أمر آخر في كونها مصداقا للطاعة العقليّة أو لا؟ ومن المعلوم أنّه لا بدّ من إحراز ذلك ، فالقاعدة تقتضي لزوم الفحص والإتيان بقصد الأمر على تقدير الوصول والظفر بالتكليف ، وباحتمال الأمر على تقدير عدم الظفر (٢).
هذا ، والحقّ ما أفاده صاحب الكفاية من حسن الاحتياط وكفاية الامتثال الإجمالي ولو مع التمكّن من الامتثال التفصيليّ ، وذلك لأنّا لا نشكّ أوّلا في عدم اعتبار التحرّك بتحريك المولى وقصد أمره في مقام الامتثال ، إذ حكم العقل بوجوب الطاعة ـ الّذي مرجعه إلى إدراك العقل استحقاق العقاب على ترك المأمور به ـ لا يقتضي إلّا وجوب إتيان المأمور به ، سواء كان تعبّديّا أو
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٥.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٤٤ ـ ٤٦.