فالدليل أخصّ من المدّعى.
الثاني : أنّ العبثيّة واللغويّة إنّما تكون في طريق الامتثال لا في نفس الامتثال ، فإنّ إحدى الصلوات مثلا تقع في الخارج مطابقة للمأمور به ، وهي مأتيّ بها بالداعي الإلهي ، ولا تكون لغوا وعبثا ، وإنّما اللغو هي الصلوات المتقدّمة عليها أو المتأخّرة عنها.
وبعبارة أخرى : اللغوية إنّما تكون في تحصيل القطع بالامتثال لا في نفس الامتثال ، والأفعال المتقدّمة والمتأخّرة مقدّمات علميّة للمأمور به لا وجوديّة (١).
والصحيح هو الجواب الثاني لا الأوّل ، فإنّ التكرار وإن كان ـ كما أفاده ـ قد لا يكون عبثا ويكون بداع عقلائي إلّا أنّ مجرّد كون الداعي عقلائيّا لا يرفع الإشكال ، فإنّ التكرار إن كان منافيا لقصد القربة وموجبا لعدم تحقّق الداعي الإلهي في المأمور به ، فتبطل العبادة به ، سواء كان بداع عقلائي أو سفهائي ، وإن لم يكن كذلك ، فتصحّ العبادة مطلقا ، كان التكرار لغوا أو لم يكن.
فظهر أنّ الحقّ في الجواب هو الجواب الثاني ، وأنّ التكرار على تقدير كونه عبثا ولغوا لا يستلزم اللغويّة والعبثيّة في المأمور به ، بل هي في طريق الامتثال وفيما تقدّم على المأمور به وتأخّر عنه لا في نفس المأمور به.
والوجه الثاني : ما أفاده شيخنا الأستاذ سابقا فيما لم يكن مستلزما للتكرار من أنّ الإطاعة حيث إنّها ممّا يحكم بها العقل ، وهو لا يرى الإطاعة الاحتماليّة في عرض الإطاعة القطعيّة ، فإتيان الصلوات المتعدّدة ـ التي يؤتي بكلّ واحدة منها بداعي احتمال الأمر مع التمكّن مع الامتثال القطعي ـ غير
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٦.