لزوم الجزم بالنيّة ـ لا من جهة لزوم العسر المخلّ بالنظام ، إذ مقتضاه ليس إلّا بطلان الاحتياط الكلّي ، أمّا الاحتياط في بعض الشبهات بمقدار لا يستلزم العسر المخلّ بالنظام فلا ، ومع عدم ثبوت بطلان الاحتياط في جميع الموارد وكلّيّا لا تنتج مقدّمات دليل الانسداد الكشف ، وتفصيل الكلام في محلّه.
وعلى تقدير الحكومة ـ بأن كانت إحدى مقدّماته هو عدم وجوب الاحتياط لا بطلانه بتقريب أنّ العقل بعد عدم وجوب الاحتياط في جميع الشبهات من جهة لزوم العسر ، وثبوت التكاليف الواقعية غير المعلومة لنا يضيّق دائرة الاحتياط في مقام الامتثال ، ويحكم بوجوب الاحتياط بمقدار لا يستلزم العسر ، وهو الاحتياط في المظنونات فقط دون المشكوكات والموهومات ، فالظنّ واجب الاتّباع من باب وجوب الاحتياط فيه خاصّة ، وليس فيه كاشفيّة عن الواقع لا بحكم الشرع ولا بحكم العقل ، فالتعبير عنه بالحجّة مسامحة واضحة ـ فلا محالة يكون الامتثال الإجمالي في عرض الامتثال الظنّي بحكم العقل ، فللمكلّف اختيار أيّ منهما شاء.
وظهر ممّا ذكرنا أنّ تعجّب الشيخ (١) قدسسره ـ من ذهاب المحقّق القمّي إلى كون الامتثال الإجمالي في طول الامتثال الظنّي مع أنّه قائل بحجّيّته من باب الانسداد (٢) ـ في غير محلّه ، لأنّه قائل بالكشف (٣) ، فالأمر كما أفاده ـ قدسسره ـ بناء على اعتبار الجزم في النيّة ، الّذي هو مبنى الكشف.
هذا كلّه في العبادات النفسيّة ، وبها يظهر الحال في الجهة الثانية ، وهي العبادات الضمنيّة التي تحتاج إلى التكرار ، فلا نعيده.
__________________
(١) فرائد الأصول : ١٥.
(٢) قوانين الأصول ١ : ٤٣٩ وما بعدها و ٤٥١ ـ ٤٥٢.
(٣) قوانين الأصول ١ : ٤٥١ ـ ٤٥٢.