بين القصر والإتمام وتقديم القصر لمن سافر إلى أربع فراسخ ولم يرجع ليومه. وبعض آخر عكس ، فقال بالاحتياط وتقديم التمام ، فمن ترجّح في نظره القصر ، قال بالأوّل ، ومن ترجّح في نظره الإتمام ، قال بالثاني.
وممّا ذكرنا يظهر جواز كلّ منهما والإتيان كيف شاء مع أنّه على كلّ تقدير إتيان القصر بداعي نفس الأمر وإتيان التمام بداعي احتمال الأمر مع رجحان القصر ، وبالعكس مع رجحان التمام سواء تقدّم الراجح على المرجوح أم تأخّر ، وليس من باب الاكتفاء بالامتثال الإجمالي مع التمكّن من التفصيليّ حتى يقال : إنّه غير جائز.
وإن كان الظنّ ظنّا ثبتت حجّيّته بدليل الانسداد ، فعلى تقدير الكشف ـ بأن تكون إحدى مقدّمات دليل الانسداد هو بطلان الاحتياط من جهة لزوم الجزم بالنيّة في مقام الامتثال بتقريب أنّ العقل بعد ثبوته التكاليف الواقعيّة قطعا ، وعدم حجّيّة الطرق والأمارات على الفرض ، ولزوم الجزم بالنيّة والإتيان بداعي نفس الأمر لا احتماله يكشف عن أنّ الشارع جعل لنا طريقا إلى تلك التكاليف ، إذ لا يعقل عدم جعله الطريق إليها وتكليفه بالجزم بالنيّة والإتيان بداعي نفس الأمر ، فإنّه تكليف بما لا يطاق ، وهذا الطريق بالسبر والتقسيم منحصر في الظنّ ، فإنّه أقرب إلى الواقع بعد تعذّر العلم ـ يكون حال الظنّ المطلق بهذا المعنى حال الظنّ الخاصّ بلا تفاوت بينهما ، بل هو أيضا ظنّ خاصّ في الحقيقة ، وتسميته بالظنّ المطلق مجرّد اصطلاح ، إذ هذا الظنّ على هذا حجّة من قبل الشارع وعلم في نظره كالظنّ الخاصّ ، غاية الأمر أنّ الكاشف عن الحجّيّة في الظنّ الخاصّ هو آية النبأ مثلا ، وفي الظنّ المطلق ـ على الكشف ـ هو العقل.
ومما ذكرنا ظهر أنّ بطلان الاحتياط لا بدّ أن يكون من هذه الجهة ـ أي :