عليه أثر عملي ما لم يثبت وقوعه (١).
واعترض عليه شيخنا الأستاذ أيضا : بأنّ المراد من الإمكان هو الإمكان في عالم التشريع ، وبناء العقلاء على تقدير ثبوته مختصّ بالشكّ في الإمكان التكويني لا التشريعي (٢).
والظاهر أنّ الحقّ مع الشيخ قدسسره ، ولا يرد عليه شيء.
أمّا ما أورده شيخنا الأستاذ من أنّ الإمكان والامتناع في المقام تشريعيّان لا تكوينيّان ، فلا نعقل له معنى صحيحا ، ضرورة أنّ الشيء إمّا ممكن الوقوع في الخارج أو ممتنع الوقوع ، وأيّ ربط للتشريع في كون التعبّد بالظنّ ممّا يلزم من وقوعه محذور عقلي حتى يمتنع أو لا يلزم حتى يكون ممكنا؟ نعم ، قد يكون التشريع معروضا للإمكان أو الاستحالة ، فيقال : إنّه ممكن أو مستحيل.
وأمّا ما أفاده صاحب الكفاية قدسسره : فهو تامّ لو كان مراد الشيخ ـ قدسسره ـ من بناء العقلاء على الإمكان وترتيب آثار الإمكان على المحتمل استحالته هو أنّه لمجرّد احتمال الإمكان بلا ورود دليل ظاهر فيه. لكنّه من المظنون أنّ مراده ـ قدسسره ـ ثبوت بناء العقلاء فيما ورد دليل ظاهر في وقوعه لا مطلقا ، ولا ريب أنّه كذلك ، وأنّهم يبنون على الإمكان ، ويرتّبون عليه آثاره ما لم يدلّ دليل قطعي على الاستحالة ، فإذا دلّت آية النبأ ـ مثلا ـ على وجوب العمل بالظنّ الحاصل من خبر العادل والتعبّد به ، فمجرّد احتمال استحالة هذا التعبّد لا يوجب رفع اليد عن هذا الظاهر بحكم العقل وبناء العقلاء.
مثلا : لو قال المولى : «أكرم العلماء» الشامل بعمومه للفسّاق من العلماء أيضا ، فلو احتملنا استحالة التكليف بإكرام الفسّاق من جهة عدم وجود ملاك
__________________
(١) كفاية الأصول : ٣١٧.
(٢) أجود التقريرات ٢ : ٦٢.