ولذا لو وقع مقدار من الدم في الكر واستهلك فيه يحكم بطهارته [١] ، لكن لو أخرج الدم من الماء بآلة من الآلات المعدة لمثل ذلك عاد إلى النجاسة ، بخلاف الاستحالة ، فإنه إذا صار البول بخاراً ثمَّ ماء لا يحكم بنجاسته ، لأنه صار حقيقة أخرى. نعم لو فرض صدق البول عليه يحكم بنجاسته بعد ما صار ماء [٢]. ومن ذلك يظهر حال عرق بعض الأعيان النجسة أو المحرّمة ، مثل عرق لحم الخنزير ، أو عرق العذرة ، أو نحوهما ، فإنه إن صدق عليه الاسم السابق [٣] ، وكان فيه آثار ذلك الشيء وخواصه ، يحكم بنجاسته أو حرمته ، وإن لم يصدق عليه ذلك الاسم ، بل عدَّ حقيقة أخرى ذات أثر وخاصية أخرى ، يكون طاهراً وحلالاً. وأما نجاسة عرق الخمر
______________________________________________________
المفهوم العرفي فينعدم وصفها ، وهو النجاسة تبعاً ، فاذا عادت العين عاد وصفها معها ، لأنه ذاتي لها ، والاستحالة عبارة عن التحول عرفاً من حقيقة إلى أخرى.
[١] كيف يحكم بطهارته مع أن نجاسته ذاتية؟! وإنما يحكم بانعدامه عرفاً ، فيخرج عن كونه موضوعاً للنجاسة ، فإذا استخرج من الماء وعاد الى الوجود عادت إليه النجاسة ، لأنها ذاتية.
[٢] لأن نجاسته ذاتية تابعة لوجوده ولو كان لاستحالة الماء إليه. لكن على هذا لا يظهر الفرق بين الاستهلاك والاستحالة من هذه الجهة ، وإنما الفرق بينهما بحسب المفهوم ، كما عرفت.
[٣] يعني : بحيث يصدق عليه أنه جزء لحم الخنزير ، أو العذرة.