______________________________________________________
الحكم بوجوب الغسل قد أخذ في موضوعه النجاسة ، فيمتنع أن تكون النجاسة منتزعة منه. مضافا إلى أن النصوص الواردة في أحكام النجاسة ظاهرة في كون النجاسة أثراً عينياً حقيقياً يحصل من ملاقاة النجس أو المتنجس ، لا مجرد الحكم بوجوب الغسل ، كما لا يخفى.
ومثلها في الاشكال دعوى : أن استصحاب النجاسة من قبيل استصحاب الفرد المردد بين طويل العمر وقصيره ، والتحقيق أنه ليس بحجة إذ فيها : أن ذلك إنما يقدح في حجية الاستصحاب إذا كان الأثر الشرعي للنجاسة متعلقا بالفرد ، ولكنه خلاف ظاهر الأدلة في المقام ، فان المستفاد من النصوص الواردة في الموارد المتفرقة ـ المتضمنة لعدم صحة الصلاة ، أو لحرمة الشرب ، أو نحو ذلك ـ أن الأثر للجهة المشتركة بين الأفراد ـ أعني ، طبيعة النجاسة ـ لا لنفس الأفراد ، بل قوله (ع) في رواية خيران الخادم الواردة في الثوب يصيبه الخمر ، ولحم الخنزير : « لا تصل فيه فإنه رجس » (١) كالصريح في كون ذلك حكما لكلي الرجس. فلاحظ ، ولو سلم فكون المقام من قبيل الفرد المردد لا يخلو من خفاء ، بل الظاهر كونه من قبيل الفرد المعين ، وكون التردد في رافعه.
وأضعف من ذلك دعوى أن الغسلة الأولى مزيلة لبعض مراتب النجاسة فيرجع الشك في الطهارة إلى الشك في وجود مرتبة اخرى زائدة على تلك المرتبة ، والأصل عدمها. إذ فيها : أن المرتبة المشكوكة معدودة عرفا من وجود المرتبة المعلومة الزوال بالغسلة الأولى ، نظير السواد الضعيف المعدود من مراتب وجود القوي ، فالشك يكون في البقاء لا في الحدوث على أن كون الغسلة الأولى مزيلة لبعض المراتب غير ظاهر ، لجواز كونها.
__________________
(١) الوسائل باب : ٣٨ من أبواب النجاسات حديث : ٤