نعم إذا اختار في مرة أحدها لا يجب عليه الاستمرار عليه بعدها ، بل له أن يختار في كل مرة جهة أخرى إلى تمام الأربع. وإن كان الأحوط ترك ما يوجب القطع بأحد الأمرين ولو تدريجاً ، خصوصاً إذا كان قاصداً ذلك من الأول ، بل لا يترك في هذه الصورة [١].
______________________________________________________
فإن الدوران في تلك المسألة بين الوجوب والحرمة ، والمصلحة الملزمة والمفسدة الملزمة ، فاذا اختار في الزمان الثاني خلاف ما يختاره أولاً فقد وقع في المخالفة القطعية ، لكن حصل له موافقة قطعية أيضاً ، وإذا اختار ما اختاره أولاً فقد حصل له مخالفة احتمالية ومعها موافقة احتمالية ، والعقل لا يرجّح الأول على الثاني ، بل هما عنده سواء ، وكذا في المقام ، فإن المخالفة القطعية الحاصلة من البول الى تمام الجهات أيضاً مقرونة بموافقة قطعية للتكليف المذكور بالإضافة الى غير جهة القبلة. نعم بينهما فرق من حيث أن التكليف المعلوم هنا الحرمة تعييناً ، وهناك مردد بين الوجوب والحرمة ، لكنه ليس بفارق فيما نحن فيه من جواز المخالفة القطعية للتكليف المعلوم المقرونة بالموافقة القطعية له ، وأنها في نظر العقل كالموافقة الاحتمالية المقرونة بالمخالفة الاحتمالية ونظير المقام المسجون الذي لا يجد في السجن إلا إناءين من ماء أحدهما نجس والآخر طاهر ، فإنه لا يتعين عليه الشرب من واحد من الإناءين بعينه ، بل له أن يتناول من كل منهما في أبعاض شربة واحدة ، كما له أن يتناول من أحدهما في شربة ، ومن الآخر في الشربة الأخرى.
فمحصل المناقشة فيما في المتن : أن الفرضين المذكورين من باب واحد وأنه يجوز أن يدور ببوله الى تمام الجهات. والله سبحانه أعلم.
[١] قد عرفت ضعفه.