______________________________________________________
إن الله تعالى يقول لا يمسّه إِلاَّ المُطهّرون » (١). لإمكان أن يكون المراد الاستدلال على تعظيم الله تعالى للقرآن ، المناسب لكراهة الأمور المذكورة. بل ظهور الذيل في كونه تعليلا لجميع ما ذكر في الصدر يعين ذلك ، إذ لا يعتبر في جواز بعضها الطهارة جزماً ، فتكون الرواية على ما قلناه. ومن ذلك يشكل الاستدلال بها على المقام ، لأن قرينة السياق والتعليل المذكور يناسب الكراهة جداً.
نعم يدل عليه مرسل حريز : « كان إسماعيل بن أبي عبد الله (ع) عنده ، فقال (ع) : يا بني اقرأ المصحف ، فقال : إني لست على وضوء فقال (ع) : لا تمس الكتابة ، ومس الورق واقرأه » (٢). وما في معتبر أبي بصير عن أبي عبد الله (ع) : « عمن قرأ في المصحف وهو على غير وضوء. فقال (ع) : لا بأس ، ولا يَمس الكتاب » (٣). وضعف السند ـ لو تمَّ في الثاني ـ ينجبر بما عرفت. ومنه يظهر ضعف ما عن الشيخ في المبسوط والحلي والأردبيلي وغيرهم من الخلاف في ذلك.
ثمَّ إن جعل المس غاية للوضوء لا يخلو من إشكال ، لأن المتوقف على الوضوء جواز المس ، لا نفس المس فلا يكون الأمر بالوضوء غيرياً ، بل يكون عقلياً من باب لزوم الجمع بين غرضي الشارع ، فاذا وجب المس بالنذر أو بغيره لم يكن ذلك الوجوب كافياً في تشريع الوضوء ، لعدم كونه مقدمة له ، بل هو مقدمة لجوازه ، والجواز ليس من فعل المكلف ، والوجوب الغيري إنما يتعلق بما هو مقدمة لفعل المكلف إذا وجب.
__________________
(١) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الوضوء حديث : ٣.
(٢) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الوضوء حديث : ٢.
(٣) الوسائل باب : ١٢ من أبواب الوضوء حديث : ١.