______________________________________________________
الثاني فكذلك ، إذ لا يصح اعتبار مفهوم الالتزام للغير بشيء إذا لم يكن راجحاً في نظره ، لأن معنى الالتزام له الالتزام لأجله ، ولا معنى لكون الالتزام لأجل الغير إذا لم يكن الملتزم به محبوباً لذلك الغير. فلا يصح أن تقول : التزمت لأجلك أن أهدم دارك ، كما يصح أن تقول : التزمت لأجلك أن ابني دارك.
إذا عرفت هذا تعرف أن القيود المرجوحة المأخوذة في موضوع النذر ( تارة ) : يكون التقييد بها تمام المنذور ، فيبطل النذر ، كما لو نذر أن يوقع صلاته الواجبة في الحمام ، بحيث يكون المقصود نذر إيقاعها في الحمام وكونها فيه لا نذر نفس الصلاة ( واخرى ) : يكون بعض المنذور ، كما لو نذر أن يصلي صلاة في الحمام ، فيكون المنذور نفس الصلاة وكونها في الحمام وحكمه بطلان نذر التقييد ، وحينئذ فإن كان النذر المتعلق بالذات والتقييد منشأ بنحو وحدة المطلوب بطل في الذات ، وإن كان بنحو تعدد المطلوب صح في الذات فقط ( وثالثة ) : يكون خارجاً عن المنذور بأن يكون لوحظ مرآة للذات الملازمة للتقييد ، فيكون تمام المنذور نفس الذات ، وحينئذ صح النذر إذا كانت الذات راجحة في الجملة في حال القيد من دون لزوم ارتكاب أمر مرجوح ، كما لو نذر ذات الصلاة التي تكون في الحمام ، بجعل الموصول معرِّفاً لتلك الذات المخصوصة. وكأنه إلى ما ذكرنا أشار كاشف اللثام في صلاة النذر ان اشتراط المزية في المكان إنما هو إذا كان النذر نذرين ، كأن يقول : لله عليَّ أن أصلي ركعتين ، وأصليهما في مكان كذا. أما لو قال : لله عليَّ أن أصلي ركعتين في مكان كذا. فمصحح النذر إنما هو رجحان الصلاة فيه على تركها ، وهو حاصل وإن كرهت فيه ، لأن الكراهة إنما هي قلة الثواب ، انتهى.