______________________________________________________
اقتصار النبي (ص) وأمير المؤمنين (ع) على المرة ظاهر في أفضلية الترك. ولا مجال للإشكال عليه بأنه حكاية حال ، لظهور المداومة في الفضل ، بل ظاهر صدور حكاية ذلك من الأئمة عليهمالسلام ذلك. ومثلها رواية ابن أبي يعفور. ولا تصلح لمعارضتها الأخبار الأُول لإمكان حملها على مشروعية الثانية وإن كان تركها أفضل. ويشير إلى ذلك ما في صدر رواية داود الرقي من قول الصادق (ع) : « وأضاف إليها رسول الله (ص) واحدة لضعف الناس ». وما في مصحح زرارة الحاكي لوضوء النبي (ص) من قول أبي جعفر (ع) : « إن الله وتر يحب الوتر ، فقد يجزؤك من الوضوء ثلاث غرفات .. » (١). نعم قد يأبى الحمل على مجرد المشروعية مرسل ابن أبي المقدام ، بناءً على أن المراد يرغب عن أن يتوضأ كما يشهد به ذيله ، لا يرغب في أن يتوضأ ، كما لعله ظاهر نفس الكلام إلا أنه ـ مع إرساله ومنافاته لما دل على أن وضوء النبي (ص) وعلي عليهالسلام ما كان إلا مرة ـ لا بد من حمله على ذلك ، فيكون التعجب من جهة اعتقاد الراغب عدم المشروعية ، ولا سيما مع الاستشهاد بفعل النبي (ص) في الجملة ولو كان المراد التعجب من اعتقاد عدم الأفضلية لم يكن التعليل مناسباً له. لأن مجرد فعله (ص) بلا مداومة لا يدل على الأفضلية ، بل المداومة على غيره دالٌّ على خلافها. وأما مرسل ابن أبي عمير فيمكن حمل نفي الأجر فيه على الثنتين على صورة اعتقاد وجوبهما ـ كما يشهد به خبر ابن بكير المتقدم ـ أو على إرادة عدم الأجر بالنسبة إلى الترك ، لأن الترك أفضل.
فتلخص : أن مقتضى الجمع بين النصوص مشروعية الثانية ، وإن كان تركها أفضل ، نظير صلاة النافلة ، والصوم في الأوقات المكروهة.
__________________
(١) الوسائل باب : ٣١ من أبواب الوضوء حديث : ٢.