وأما المقدمات للافعال فهي أقسام ( أحدها ) : المقدمات البعيدة كإتيان الماء أو تسخينه أو نحو ذلك وهذه لا مانع من تصدي الغير لها [١] ( الثاني ) : المقدمات القريبة ، مثل صب الماء في كفه.
______________________________________________________
وربما يستدل عليه بالأخبار المتقدم إليها الإشارة في كراهة الاستعانة (١) المتضمنة للاستدلال على المنع بقوله تعالى ( وَلا يُشْرِكْ بِعِبادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ) (٢). وفيه : أن تطبيق الآية في خبر الوشاء ، ومرسل الفقيه والمقنع ، والمسند في العلل عن شهاب بن عبد ربه ، وغيرها ، إنما كان بلحاظ كون العبادة هي الصلاة ، ومن المعلوم أن صب ماء الوضوء ليس إشراكا في الصلاة ، بل استعانة في مقدماتها ، فالمراد من الإشراك ما يعم الاستعانة ، وقد عرفت أن الاستعانة ليست محرمة لا تكليفاً ولا وضعاً ، لما ورد في صحيح الحذاء أنه صب على يد الباقر (ع) كفاً للوضوء (٣) ، ولو فرض إجمال الصحيح كفى الإجماع والسيرة صارفاً لهذه الأخبار عن ظاهرها ، من المنع عن الاستعانة مطلقاً ، ولا سيما مع اشتمالها على بعض الخصوصيات المناسبة للكراهة جداً ، مثل التعبير بالكراهة ، ولا أحب ، وغيرهما. ثمَّ إن الظاهر ان حمل الآية المذكورة على ما تضمنته النصوص من قبيل التفسير بالباطن ، فان ظاهرها الإشراك في المعبودية كما تضمنته رواية جراح المدائني (٤). وكيف كان فالنصوص المذكورة لا مجال للتمسك بها في المقام. فالعمدة في وجه الحكم ما عرفت.
[١] يعني لا منعاً ولا كراهة. لكن ينافيه ظاهر الأخبار المتقدمة ،
__________________
(١) تقدم الكلام في ذلك في أول فصل مكروهات الوضوء.
(٢) الكهف : ١١٠.
(٣) الوسائل باب : ١٥ من أبواب الوضوء حديث : ٨.
(٤) الوسائل باب : ١٢ من أبواب مقدمات العبادات حديث : ٦.