______________________________________________________
فإن قلت : لِمَ لا يرجع إلى استصحاب بقاء الموضوع ، ليترتب عليه الرجوع إلى استصحاب النجاسة ، وهو الحكم؟
قلت : استصحاب بقاء الموضوع لا يثبت صدق الشك في البقاء ، حتى يجري استصحاب الحكم ، وهو النجاسة.
فإن قلت : لِمَ لا يرجع إلى استصحاب نفس العنوان السابق ، مثل استصحاب كونه عذرة ، أو نطفة ، أو نحو ذلك ، ليترتب عليه حكمه ـ وهو النجاسة ـ بلا توسط الاستصحاب.
قلت : إذا فرضنا أن المستحال إليه معدود موضوعاً آخر ، وأن موضوع النجاسة قد انتفى بذاته ، وأن المستحال إليه متولد عرفاً من المستحال منه لا أنه هو ، فمع الشك لا يصح أن يقال : إنه كان نطفة أو عذرة ، إلا بالمداقة العقلية ، وليست هي المدار في صحة الاستصحاب ، وإلا لثبتت النجاسة مع الاستحالة ، لأنه إذا صح قولنا : كان نطفة ، صح قولنا : كان نجساً ، فيجري استصحاب النجاسة ( وبالجملة ) : بعد البناء على عدم جريان استصحاب النجاسة ، لتبدل الموضوع ، لا مجال لاستصحاب بقاء العنوان ، بنحو مفاد كان الناقصة بأن يقال : كان هذا كذا ، لأن احتمال التبدل مانع عن صدق القضية. نعم يصح الاستصحاب بنحو مفاد كان التامة ، بأن يقال : كانت النطفة موجودة فهي باقية ، بالاستصحاب. لكنه لا يثبت كون هذا هو النطفة. فلاحظ وتأمل.
هذا إذا كان الشك بنحو الشبهة المصداقية ، أما لو كان بنحو الشبهة المفهومية ، كما لو شك في الاستحالة في مثل صيرورة العذرة فحما فلا مجال لأصالة عدم الاستحالة ، ولا لاستصحاب كونه عذرة ، لأنه من استصحاب المفهوم المردد ، ولا لاستصحاب النجاسة ، للشك في بقاء الموضوع ،