دلالة على أنّ معنى قولهم : « لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار » هو أنّ الإصرار يوجب عدم الإيمان ، لا أنّه كبيرة ، والمعروف في كلام الأصحاب الثاني ، إلاّ أنْ يحمل على عدم الإيمان الكامل نفي الإيمان مع فعل بعض الكبائر على ذلك ، هذا ولم أقف على حديث متيقنة الاسناد دالّ على أنّه لا كبيرة مع الاستغفار ولا صغيرة مع الإصرار إلاّ هذا الخبر ولا يخفى ظهوره في الانتفاء لمجرد الندم ، فليتأمّل ) (١).
فإنْ قلت : خبر ابن محبوب تضمن أنّ من اجتنب ما أُوعد عليه النار كفّر عنه سيئاته ، وغير خفي أنّ الذنوب إذا كانت كلّها كبائر فالكلام في الرواية لا (٢) يتمّ ؛ لأنّ من اجتنب جميع ما أوعد الله عليه النار لا تكون عليه سيئات ، وحينئذٍ لا معنى لتكفير السيئات.
قلت : لعل بعض السيئات يكون عقابها بغير النار ؛ إذ (٣) قد يقال : إنّ وعد النار ليس على جميع السيئات ، بل العقاب على بعض المنهيات مستحق ، وهو أعمّ من النار ، وفيه نوع تأمّل.
ولحق أنّ الخبر له دلالة على نفي كون جميع الذنوب كبائر ، إلاّ أنّه محتاج إلى الجمع بينه وبين ما دلّ على الزيادة ، وروى الكليني بطريق ليس فيه ارتياب ، إلاّ من محمّد بن عيسى ، عن يونس (٤) ، عن محمّد بن مسلم ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : سمعته يقول : « الكبائر سبع : قتل النفس متعمداً ، وقذف المحصنة ، والفرار من الزحف ( والتعرّب بعد الهجرة ) (٥) وأكل مال
__________________
(١) من عبارة : الصغائر ، في ص ١٥٧ إلى هنا ، أثبتناه من « م ».
(٢) في « م » : لم.
(٣) في « م » : أو ، وفي « رض » : و.
(٤) في الكافي ٢ : ٢٧٧ / ٣ زيادة : عن عبد الله بن مسكان.
(٥) بدل ما بين القوسين في « رض » : والتغرب.