٣٦٧٦ ـ وروى الحكم بن مسكين ، عن قتيبة بن الأعشى (١) قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : « إني أقرأ القرآن فتهدى إلي الهدية فأقبلها؟ قال : لا ، قلت : إن
__________________
إذا لا تنافي الوجوب أخذ الأجرة ، ولا يبعد أن يكون قول أو عمل واجبا على رجل إذا أعطى الأجرة عليه كالطبيب ولا يكون واجبا مطلقا كما أنه يكون بيع مال كالطعام واجبا إذا أعطى ثمنه لا مطلقا ، وفائدة الوجوب عدم القدرة على الامتناع مع الأجرة والثمن بخلاف غير الواجب من الافعال كبيع سائر الأمتعة فإنه لا يجب على البايع وان أعطى ثمنه وكتابة الاشعار وصياغة الحلى وهذا شئ معقول عرفا ثابت شرعا ، نعم ان ثبت وجوب عمل مطلقا سواء أعطى الأجرة عليه أولا كصلاة الميت كان أعطاه الأجرة عليها سفها ، ويمكن هنا عقلا تصور وجه آخر وهو أن يجب الفعل مطلقا سواء أعطى الأجرة أولا لكن يجاز للعامل أخذ الأجرة قهرا عن المعمول له وهذا شئ معقول متصور في العرف لا مانع عنه في الشرع ولعل أجرة الوصي والقيم من هذا القسم ، وبالجملة فالوجوب من حيث هو وجوب لا ينافي جواز أخذ الأجرة ، نعم كون الواجب تعبديا بقصد القربة مانع عن الأجرة وهذا جار في المستحب العبادي أيضا ، ولكن المحقق الثاني نقل اجماع الأصحاب على منع الأجرة على أقسام الواجب ، ولعله منصرف في كلامهم إلى التعبدي ، وقد صرح فخر الدين في الايضاح بأنه يجوز أخذ الأجرة على الواجب الكفائي غير التعبدي ، ولا يجوز على العيني والتعبدي وكذلك المحقق الثاني ، فالاحتياط في الواجب العيني وان لم يكن تعبديا عدم أخذ الأجرة الا بالرضا والهبة ، وكذلك في الواجب الكفائي ان تعين في واحد بعينه للانحصار إذ يجب على العامل قطعا هذا العمل ، وتسلطه على اجبار المعمول له لاخذ الأجرة غير ثابت بدليل ، مع أنه لا يجوز له الامتناع من العمل ان امتنع المولى له من الأجرة هذا إذا ثبت وجوب العمل مطلقا لا بشرط أخذ الأجرة ، ولعل الصناعات المتوقفة عليها أمر المعاش من قبيل الثاني.
وربما يسأل عن الواجب النيابي وقصد القربة فيه وأنه كيف يجتمع مع الأجرة ، والواجب أن الأجرة هنا بمنزلة الحوائج الدنيوية في صلاة الحاجة ، فان المصلى يقصد التقرب بالعمل إلى الله إلى قضاء حاجاته كذلك الأجير للعبادة يقصد التقرب ويتوسل به إلى الأجرة ، والثاني في طول الأول وفى كتاب المكاسب للشيخ المحقق الأنصاري ـ رحمهالله ـ تحقيقات أنيقة لا موضع لذكرها.
(١) قتيبة الأعشى من أصحاب أبي عبد الله عليهالسلام وكان قاريا شيعيا من قراء الكوفة من رواة أبى بكر بن عياش ، وأبو بكر من رواة عاصم ، ذكره النجاشي والشيخ ووثقوه.